«الصدّيق» والآخر : «الشهيد» ، وهذا يرينا أنّ المقصود من المؤمنين في الآية مورد البحث هم أصحاب الدرجات العالية في الإيمان لا المؤمن العادي (١).
ثمّ يضيف تعالى : (لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).
إنّ هذا التعبير المختصر يشير إلى عظيم الأجر والنور الذي ينتظرهم.
وفي النهاية يضيف تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) وذلك كي تتوضّح بهذه المقارنة النتيجة التي آلت إليها المجموعتان ، والتي تتدرّج بين القمّة والقاع ، حيث إنّ القسم الأوّل في المقام العالي من دار الخلد ، والقسم الثاني في الدرك الأسفل من النار يندبون سوء حظّهم وانحطاط مصيرهم.
وبما أنّ المجموعة الاولى كانت في أعلى مستويات الإيمان ، ففي المقابل أيضا ذكرت الآية أيضا الكفر بأسوأ صوره في الجماعة الثانية المقارن للتكذيب بآيات الله.
ولأنّ حبّ الدنيا مصدر كلّ رذيلة ، ورأس كلّ خطيئة ، فالآية اللاحقة ترسم بوضوح وضع الحياة الدنيا والمراحل المختلفة والمحفّزات والظروف والأجواء التي تحكم كلّ مرحلة من هذه المراحل ، حيث يقول سبحانه : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ).
وبهذه الصورة فإنّ «الغفلة» و «اللهو» و «الزينة» و «التفاخر» و «التكاثر» تشكّل المراحل الخمس لعمر الإنسان.
ففي البداية مرحلة الطفولة ، والحياة في هذه المرحلة عادة مقترنة بحالة من
__________________
(١) طبقا للتفسير أعلاه فإنّ جملة (أولئك هم الصدّيقون والشهداء ، عند ربّهم) ليس لها أي تقدير ، إذ أنّ هؤلاء الجماعة من المؤمنين اعتبروا مصداقا للصدّيقين والشهداء ، إلّا أنّ بعض المفسّرين يعتقد أنّ هؤلاء بمنزلة الصدّيقين والشهداء ، ولهم نفس الأجر ، ولكن ليس لهم كامل مميّزاتهم ومفاخرهم. ويقولون : إنّ الآية تقديرها (أولئك لهم مثل أجر الصدّيقين والشهداء). تفسير روح المعاني ، الميزان نهاية الآيات مورد البحث ، وطبعا فإنّ مرجع الضمائر (لهم ، وأجرهم) يختلف أيضا. إلّا أنّ هذا التّفسير لا يتناسب مع ظاهر الآية (يرجى الانتباه).