لهؤلاء سوف لن تكون نتيجتها إلّا الضلال والخسران.
ثمّ يشير تعالى إلى جهد هؤلاء المتواصل في إقناع الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بمصالحتهم والإعراض عن آلهتهم وضلالهم فيقول : (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ).
إنّ من أمانيهم ورغبتهم أن تلين وتنعطف باتّجاههم ، وتغضّ الطرف عن تكليفك الرسالي من أجلهم.
ونقل المفسّرون أنّ هذه الآيات نزلت حينما دعا رؤساء مكّة وساداتها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للسير على نهج أجدادهم في الشرك بالله وعبادة الأوثان ، وقد نهى الله تعالى رسوله الكريم عن الاستجابة لهم وإطاعتهم (١).
ونقل البعض الآخر أنّ (الوليد بن المغيرة) وكان أحد زعماء الشرك قد عرض على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أموالا طائلة ، وحلف أنّه سيعطيها لـ (محمّد) إذا تخلّى عن مبدئه ودينه (٢).
والذي يستفاد من لحن الآيات ـ بصورة واضحة ـ وممّا جاء في التواريخ ، أنّ المشركين الذين أعمى الله بصيرتهم ، عند ما شاهدوا التقدّم السريع للإسلام وانتشاره ، حاولوا إعطاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض المكاسب في مقابل تقديم تنازلات مماثلة ، في محاولة لترتيب نوع من الصلح معه صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهذا هو منهج أهل الباطل ـ دائما ـ في الظروف والأحوال التي يشعرون فيها أنّهم سيخسرون كلّ شيء ويفقدون مواقفهم ، لذا فإنّهم اقترحوا عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم إعطاءه أموالا طائلة ، كما اقترحوا تزويجه بأجمل بناتهم ، كما عرضوا عليه جاها ومقاما وملكا بارزا ، وما إلى ذلك من امور كانوا متعلّقين بها ومتفاعلين معها ومتهالكين عليها ، ويقيسون الرّسول بقياسها».
إلّا أنّ القرآن الكريم حذّر الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مرارا من مغبّة إبداء أي تعاطف مع
__________________
(١) الفخر الرازي ، ج ٣٠ ، ص ٨٥ ، والمراغي ، ج ٢٩ ، ص ٣١.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ١ ، ص ٦٧١٠.