الخطّ وما ثبّته القلم على صحائف الأوراق والأحجار ، إذ أنّ هذا الحدث أدّى إلى فصل (عصر التاريخ) عن (عصر ما قبل التاريخ).
إنّ ما يثبته القلم على صفحات الورق هو الذي يحدّد طبيعة الإنتصار أو الانتكاسة لمجتمع ما من المجتمعات الإنسانية ، وبالتالي فإنّ ما يسطّره القلم يحدّد مصير البشر في مرحلة ما أو مكان ما .. فـ (القلم) هو الحافظ للعلوم ، المدوّن للأفكار ، الحارس لها ، وحلقة الاتّصال الفكري بين العلماء ، والقناة الرابطة بين الماضي والحاضر ، والحاضر والمستقبل. بل حتّى موضوع ارتباط الأرض بالسماء قد حصل هو الآخر عن طريق اللوح والقلم أيضا.
فالقلم يربط بين بني البشر المتباعدين من الناحية الزمانية والمكانية ، وهو مرآة تعكس صور المفكّرين على طول التاريخ في كلّ الدنيا وتجمعها في مكتبة كبيرة.
والقلم : حافظ للأسرار ، مؤتمن على ما يستودع ، وخازن للعلم ، وجامع للتجارب عبر القرون والأعصار المختلفة. وإذا كان القرآن قد أقسم به فلهذا السبب ، لأنّ القسم غالبا لا يكون إلّا بأمر عظيم وذي قيمة وشأن.
ومن الطبيعي عندئذ أن يكون (القلم) وسيلة لـ (ما يسطرون) من الكتابة ، ونلاحظ القسم بكليهما لقد أقسم القرآن الكريم بـ (الوسيلة) وكذلك (بحصاد) تلك الوسيلة (وما يسطرون).
وجاء في بعض الروايات «إنّ أوّل ما خلق الله القلم».
نقل هذا الحديث محدّثوا الشيعة عن الإمام الصادق عليهالسلام (١).
وجاء هذا المعنى أيضا في كتب أهل السنّة في خبر معروف (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٨٩ ، حديث ٣.
(٢) تفسير الفخر الرازي ، ج ٣ ، ص ٧٨.