قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) (١).
ولا بدّ أن يكون الجواب بهذه الصورة ، حيث أنّ تحديد تأريخ يوم القيامة إن كان بعيدا فإنّ الناس سيغرقون بالغفلة ، وإن كان قريبا فإنّهم سيعيشون حالة الهلع والاضطراب. وعلى كلّ حال فإنّ الأهداف التربوية تتعطّل في الحالتين.
ويضيف في آخر آية من هذه الآيات بأنّ الكافرين حينما يرون العذاب والوعد الإلهي من قريب تسودّ وجوههم : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) فسيماهم طافحة بآثار الحزن والندم (وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ).
«تدعون» من مادّة (دعاء) يعني أنّكم كنتم تدعون وتطلبون دائما أن يجيء يوم القيامة ، وها هو قد حان موعده ، ولا سبيل للفرار منه (٢).
وهذا المضمون يشبه ما جاء في قوله تعالى مخاطبا الكفّار في يوم القيامة : (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) (٣).
وعلى كلّ حال ، فإنّ الآية الشريفة ناظرة إلى عذاب يوم القيامة كما ذهب إليه أغلب المفسّرين ، وهذا دليل على أنّ جملة (مَتى هذَا الْوَعْدُ) إشارة إلى موعد يوم القيامة.
يقول الحاكم أبو القاسم الحسكاني : عند ما شاهد الكفّار شأن ومقام الإمام علي عليهالسلام عند الله تعالى. اسودّت وجوههم (من شدّة الغضب) (٤).
ونقل هذا المعنى أيضا في حديث عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّ هذه الآية نزلت
__________________
(١) الأعراف ، الآية ١٨٧.
(٢) «تدعون» من باب (افتعال) ، ومن مادّة دعاء ، بمعنى الطلب والرجاء ، أو من مادّة (دعوا) بمعنى الطلب أو إنكار شيء معيّن.
(٣) الذاريات ، الآية ١٤.
(٤) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٣٠.