هذه الأجسام بالرغم من قانون الجاذبية الأرضية تنطلق من الأرض وتحلّق ساعات في السماء بكلّ راحة ، وأحيانا أيّاما وأسابيع وشهورا ، وتستمر بحركتها السريعة المرنة وبدون أي مشاكل.
فالبعض منها يفتح جناحية عند الطيران (صافات) وكأنّ هنالك قوّة خفيّة تحرّكه ، والاخرى ترفرف بأجنحتها عند الطيران بصورة مستمرة وقد تكون (يقبضن) إشارة إلى هذا المعنى.
وتطير مجاميع اخرى بتحريك أجنحتها تارة وفتحها اخرى. كما أنّ هنالك قسما آخر يحرّك أجنحته لفترة عند الطيران ، وعند ما يحقّق سرعة معيّنة يجمعها بصورة كلية كـ (العصفور).
وخلاصة القول : فإنّ الطيران واحد ، إلّا أنّ صوره مختلفة ولكلّ طريقته وبرنامجه الخاصّ به.
فمن يا ترى خلق أجسام هذه الطيور بهذه الصورة التي جعلها تستطيع السير في الهواء بكلّ سهولة وراحة؟. ومن ذا الذي وهبها هذه القدرة وعلّمها الطيران ، خصوصا حالات الطيران الجماعي المعقد للطيور المهاجرة ، التي تستمرّ ـ أحيانا ـ شهورا عديدة ، وتقطع في رحلتها هذه الاف الكيلومترات ، وتمرّ بأجواء بلدان كثيرة ، وتجتاز الجبال والوديان والغابات والبحار حتّى تصل إلى مقصدها؟ فمن يا ترى علم وأعطى هذه الطيور كلّ هذه القوّة ، وهذا الوعي والمعرفة؟
لذا يقول في ختام الآية (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ).
إنّه الله تعالى الذي وضع باختيارها الوسائل والقوى والإمكانات المختلفة للطيران ، نعم ، إنّ الله الرحمن الذي شملت رحمته الواسعة جميع الكائنات ، وأعطى للطيور ما هو موضع حاجتها في الطيران ، وحافظ عليها في السماء ، هو بذاته المقدّسة يحفظ الأرض والكائنات الاخرى. وعند ما يشاء غير ذلك فلن يكون عندئذ للطيور قدرة الطيران ولا للأرض حالة الهدوء والاستقرار.