«ذلول» بمعنى (مطيع) وهو أجمل تعبير يمكن أن يطلق على الأرض ، لأنّ هذا المركب السريع السير جدّا ، مع حركته المتعدّدة ، يلاحظ هادئا إلى حدّ يبدو وكأنّه ساكنا بصورة مطلقة.
يقول بعض العلماء : إنّ للأرض أربع عشرة حركة مختلفة ، ثلاث منها هي :
الاولى : حركتها حول نفسها.
والثانية : حول الشمس.
والثالثة : مع مجموعة المنظومة الشمسية في وسط المجرّة.
هذه الحركات التي تكون سرعتها عظيمة ، هي من التناسب والانسجام إلى حدّ لم يكن ليصدق أحد أنّ للأرض حركة لو لا إقامة البراهين القطعية على حركتها.
هذا من جهة ، ومن جهة اخرى. فإنّ قشرة الأرض ليست قويّة وقاسية إلى حدّ لا يمكن معه العيش فوقها ، ولا ضعيفة ليّنة لا قرار لها ولا هدوء ، وبذلك فإنّها مناسبة لحياة البشر تماما ، فلو كان معظم سطح الكرة الأرضية مغمورا بالوحل ، والمستنقعات ـ مثلا ـ فعندئذ تتعذّر الاستفادة منها ، وكذلك لو كانت الرمال الناعمة تغمرها فإن قدم الإنسان تغور فيها حتّى الركب ، وكذا لو كانت مكوّناتها من الصخور الحادّة القاسية فعندئذ يتعذّر المشيء عليها ، ومن هنا يتّضح معنى استقرار الأرض وهدوئها.
ومن جهة ثالثة فإنّ بعدها عن الشمس ليس هو بالقريب منها إلى حدّ يؤدّي بحرارة الشمس إلى أن تحرق كلّ شيء على وجهها ، ولا هو ببعيد عنها بحيث يتجمّد كلّ شيء على سطحها.
وكذلك بالنسبة لضغط الهواء على الكرة الأرضية ، فإنّه متناسب بما يؤدّي إلى هدوء الإنسان وراحته ، فهو ليس بالشديد بالصورة التي يسبّب له الاختناق ، ولا بالمنخفض بالشكل الذي يتلاشى فيه معه.