قسما من المؤمنين لعدم خشوعهم أمام هذه الأمور. لأنّه قد ابتلى كثير من الأمم السابقة بمثل هذا من الغفلة والجهل. وهذه الغفلة تؤدّي إلى قساوة القلب وبالتالي إلى الفسق والعصيان.
ولهذا هل نقتنع بادّعاء الإيمان ، والعيش في رفاه والانشغال بالأكل والشرب ونمرّ أمام هذه المسائل المهمّة ببساطة؟ وهل أنّ أعمالنا ومسئولياتنا تتناسب مع الإيمان الذي ندّعيه؟
هذه التساؤلات لا بدّ من الإجابة عنها مع أنفسنا بهدوء وموضوعية.
جملة : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) قد تكون إشارة إلى الفاصلة الزمنية بينهم وبين أنبيائهم ، ويحتمل أن يكون المقصود بها طول العمر ، أو طول الأمانيّ ، أو عدم نزول العذاب الإلهي منذ مدّة طويلة ، أو كلّ ذلك ، لأنّ كلّ واحدة من هذه الأسباب يمكن أن تكون عاملا للغفلة والقساوة ، وهي بدورها تسبّب الذنب والإثم.
جاء في حديث للإمام علي عليهالسلام : «لا تعالجوا الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم» (١).
ونقرأ في حديث آخر عن لسان عيسى المسيح عليهالسلام : «لا تكثروا بالكلام بغير ذكر الله فتقسوا قلوبكم ، فإنّ القلب القاسي بعيد من الله ، ولا تنظروا في ذنوب العباد كأنّكم أرباب ، وانظروا في ذنوبكم كأنّكم عبيد ، والناس رجلان : مبتلى ومعافى ، فارحموا أهل البلاء ، واحمدوا الله على العافية» (٢).
ولأنّ إحياء القلوب الميتة لا يكون إلّا بالذكر الإلهي ، الحياة الروحية التي لن تكون إلّا بظلّ الخشوع والخضوع وخاصّة في أجواء القرآن الكريم .. لذا فإنّ القرآن يشبّه عملية إحياء القلوب الميتة بإحياء الأراضي الميتة ، فكما أنّ هذه تحيا ببركة نزول الأمطار كذلك فإنّ القلوب تحيا بذكر الله سبحانه .. حيث يضيف
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٧٨ ، ص ٨٣ ، الحديث ٨٥.
(٢) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٣٨.