موجزة.
ثمّ يضرب الله تعالى مثلا آخر للنساء المؤمنات الصالحات ، حيث يقول جلّ من قائل : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) (١).
فهي امرأة لا زوج لها أنجبت ولدا صار نبيّا من أنبياء الله العظام (من اولي العزم).
ويضيف تعالى قائلا : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ) و (كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ).
كانت في القمّة من حيث الإيمان ، إذ آمنت بجميع الكتب السماوية والتعاليم الإلهية ، ثمّ إنّها كانت قد أخضعت قلبها لله ، وحملت قلبها على كفّها وهي على أتمّ الاستعداد لتنفيذ أوامر الباري جلّ شأنه.
ويمكن أن يكون التعبير بـ (الكتب) إشارة إلى كلّ الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء ، بينما التعبير بـ (كلمات) إشارة إلى الوحي الذي لا يكون على شكل كتاب.
ونظرا لرفعة مقام مريم وشدّة إيمانها بكلمات الله ، فقد وصفها القرآن الكريم في الآية (٧٥) من سورة المائدة (صدّيقة).
وقد أشار القرآن إلى مقام هذه المرأة العظيمة في آيات عديدة ، منها ما جاء في السورة التي سمّيت باسمها أي (سورة مريم).
على أيّة حال فإنّ القرآن الكريم تصدّى للشبهات التي أثارها بعض اليهود المجرمين حول شخصية هذه المرأة العظيمة ، ونفى عنها كلّ التّهم الرخيصة حول عفافها وطهارتها وكلّ ما يتعلّق بشخصيتها الطاهرة.
والتعبير بـ (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) لإظهار عظمة وعلو هذه الروح ، كما أشرنا إلى ذلك سابقا. أو بعبارة اخرى : إنّ إضافة كلمة (روح) إلى «الله» إضافة
__________________
(١) يوجد شرح مفصّل في كتابنا هذا في ذيل الآية (٩١) من سورة الأنبياء يتعلّق بما هو المقصود من تعبير «الفرج».