ومتعدّدة حتّى أوصلها البعض إلى ٢٣ تفسيرا (١).
غير أنّ جميع هذه التفاسير تعود إلى حقيقة واحدة وفروعها والأمور المتعلّقة بها وشرائطها المختلفة.
ومن هذه التفاسير القول بأنّ التوبة (النصوح) يجب أن تتوفّر فيها أربعة شروط : الندم الداخلي ، الاستغفار باللسان ، ترك الذنب ، والتصميم على الاجتناب في المستقبل.
وقال البعض الآخر بأنّها (أي التوبة النصوح) ذات شروط ثلاثة (الخوف من عدم قبولها ، والأمل بقبولها ، والاستمرار على طاعة الله.
أو أنّ التوبة «النصوح» التي تجعل الذنوب دائما أمام أعين أصحابها ، ليشعر الإنسان بالخجل منها.
أو أنّها تعني إرجاع المظالم والحقوق إلى أصحابها ، وطلب التحليل وبراءة الذمّة من المظلومين ، والمداومة على طاعة الله.
أو هي التي تشتمل على امور ثلاثة : قلّة الأكل ، قلّة القول ، قلّة النوم.
أو التوبة النصوح هي التي يرافقها بكاء العين ، واشمئزاز القلب من الذنوب وما إلى ذلك من فروع التوبة الواقعية وهي التوبة الخالصة التامّة الكاملة.
جاء في حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ما سأله معاذ بن جبل عن «التوبة النصوح» أجابه قائلا : «أن يتوب التائب ثمّ لا يرجع في الذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع» (٢).
وبهذا التعبير اللطيف يتّضح أنّ التوبة يجب أن تحدث انقلابا في داخل النفس الإنسانية ، وتسدّ عليها أي طريق للعودة إلى الذنب ، وتجعل من الرجوع أمرا مستحيلا كما يستحيل إرجاع اللبن إلى الضرع والثدي.
__________________
(١) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٦ و٦٧.
(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣١٨.