ويضيف القرآن قائلا : (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
وبهذا لا يبقى طريق للخلاص والهروب ، ولن يؤثّر البكاء والالتماس والجزع والفزع.
ومن الواضح أنّ أصحاب الأعمال والمكلّفين بتنفيذها ، ينبغي أن تكون معنوياتهم وروحيّتهم تنسجم مع تلك المهام المكلّفين بتنفيذها. ولهذا يجب أن يتّصف مسئولو العذاب والمشرفون عليه بالغلظة والخشونة ، لأنّ جهنّم ليست مكانا للرحمة والشفقة ، وإنّما هي مكان الغضب الإلهي ومحلّ النقمة والسخط الإلهيين. ولكن هذه الغلظة والخشونة لا تخرج هؤلاء عن حدّ العدالة والأوامر الإلهية. إنّما : (يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) دون أيّة زيادة أو نقصان.
وتساءل بعض المفسّرين حول تعبير (لا يعصون) الذي ينسجم مع القول بعدم وجود تكليف يوم القيامة. ولكن يجب الانتباه إلى أنّ الطاعة وعدم العصيان من الأمور التكوينية لدى الملائكة لا التشريعية.
بتعبير آخر : إنّ الملائكة مجبولون على الطاعة غير مختارين ، إذ لا رغبة ولا ميل لهم إلى سواها.
في الآية اللاحقة يخاطب الكفّار ويصف وضعهم في ذلك اليوم العصيب بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
قد جاءت هذه الآية بعد الآية السابقة التي خاطب بها المؤمنين ، ليكون واضحا أنّ عدم الالتزام بأوامر الله وعدم الاهتمام بالنساء والأولاد والأهل قد تكون نتيجته وعاقبته كعاقبة الكفّار يوم القيامة.
والتعبير بـ (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يؤيّد هذه الحقيقة مرّة اخرى ، وهي أنّ جزاء المؤمنين يوم القيامة إنّما هو أعمالهم نفسها التي تظهر أمامهم وترافقهم.
وممّا يؤيّد ذلك أيضا التعبير الذي ورد في الآية السابقة الذي يقول إنّ نار جهنّم :