والتّفسير والتاريخ ، عن الشيعة والسنّة ، انتخبنا أشهر تلك الروايات وأنسبها وهي :
كان رسول الله يذهب أحيانا إلى زوجته (زينب بنت جحش) فتبقيه في بيتها حتّى «تأتي إليه بعسل كانت قد هيّأته له صلىاللهعليهوآلهوسلم ولكن لمّا سمعت عائشة بذلك شقّ عليها الأمر ، ولذا قالت : إنّها قد اتّفقت مع «حفصة» إحدى (أزواج الرّسول) على أن يسألا الرّسول بمجرّد أن يقترب من أيّ منهما بأنّه هل تناول صمغ «المغافير» (وهو نوع من الصمغ يترشّح من بعض أشجار الحجاز يسمّى «عرفط» ويترك رائحة غير طيّبة ، علما أنّ الرّسول كان يصرّ على أن تكون رائحته طيّبة دائما) وفعلا سألت حفصة الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا السؤال يوما وردّ الرّسول بأنّه لم يتناول صمغ «المغافير» ولكنّه تناول عسلا عند زينب بنت جحش ، ولهذا أقسم بأنّه سوف لن يتناول ذلك العسل مرّة اخرى ، خوفا من أن تكون زنابير العسل هذا قد تغذّت على شجر صمغ «المغافير» وحذّرها أن تنقل ذلك إلى أحد لكي لا يشيع بين الناس أنّ الرّسول قد حرّم على نفسه طعاما حلالا فيقتدون بالرّسول ويحرّمونه أو ما يشبهه على أنفسهم ، أو خوفا من أن تسمع زينب وينكسر قلبها وتتألّم لذلك.
لكنّها أفشت السرّ فتبيّن أخيرا أنّ القصّة كانت مدروسة ومعدّة فتألّم الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لذلك كثيرا فنزلت عليه الآيات السابقة لتوضّح الأمر وتنهى من أن يتكرّر ذلك مرّة اخرى في بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وجاء في بعض الروايات أنّ الرّسول ابتعد عن زوجاته لمدّة شهر بعد هذا الحادث (٢) ، انتشرت على أثرها شائعة أنّ الرّسول عازم على طلاق زوجاته ، الأمر الذي أدّى إلى كثرة المخاوف بينهنّ (٣) وندمن بعدها على فعلتهن.
* * *
__________________
(١) هذا الحديث أورده في الأصل (البخاري) في ج ٦ ، من صحيحه ص ١٩٤ ، والتوضيحات التي ذكرت في الأقواس تستفاد من كتب اخرى.
(٢) تفسير القرطبي وتفاسير اخرى ذيل الآية مورد البحث.
(٣) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ١٦٣.