ويحذّر القرآن الكريم من مغبّة أن يكون الأطفال ضحيّة الخلاف الواقع بين الزوج والزوجة ، ممّا يترك عليهم آثارا واضحة على تكوينهم الجسمي والنفسي ، إذ يحرمون من حنان الامّ والأب وشفقتهما فينبغي أن يتّقي الأبوان الله تعالى ويحفظا حقوق الأطفال فإنّهم لا يستطيعون الدفاع عنها.
وجملة «وأتمروا» من مادّة «ايتمار» وتأتي أحيانا بمعنى «قبول الأمر» وأحيانا اخرى بمعنى «التشاور» والمعنى الثاني أقرب إلى معنى الآية.
والتعبير «بمعروف» تعبير جامع يشمل كلّ مشاورة فيها خير وصلاح.
وفي حالة عدم حصول التوافق والتفاهم بين الزوجين حول مصير الأطفال وقضيّة إرضاعهم ، يقول القرآن في سادس حكم في هذا المجال (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى).
إشارة إلى أنّ الخلافات إذا طالت وتعقّدت فأعطوا الأطفال إلى مرضعة اخرى ، ورغم أنّ الامّ هي الأولى بذلك ، لكن إذا بقي الأطفال ينتظرون ، وظلّ النزاع على حاله ، فلا ينبغي أن ينسى الأطفال في خضم هذا النزاع.
وتبيّن الآية اللاحقة سابع ـ وآخر حكم ـ في هذا المجال حيث يقول تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها).
فهل أنّ هذا الأمر يرتبط بالنساء اللائي يتعهدنّ رضاعة أطفالهنّ بعد الفرقة والطلاق ، أو أثناء العدّة التي أشير إليها بصورة إجمالية في الآيات السابقة ، أو أنّه يرتبط بكليهما معا.
ويبدو أنّ المعنى الأخير أنسب وأقرب ، رغم أنّ بعض المفسّرين اعتبرها خاصّة بالنساء المرضعات فقط في الوقت الذي أطلقت الآيات السابقة على هذا الأمر تعبير «أجر» وليس «نفقة وإنفاق».
على كلّ حال لا ينبغي للذين ليس لهم القدرة أن يتشدّدوا ويعقدوا الأمور ،