«شحّ» بمعنى «البخل المرادف للحرص» ، ومن المعلوم أنّ هاتين الخصلتين السيّئتين من أكبر الموانع أمام فوز الإنسان ، وتغلق عليه سبيل الإنفاق وتصدّه عن الخير ، ومن يتخلّص من هاتين الخصلتين السيّئتين فلا شكّ أنّه سيضمن السعادة.
هذا وتوجد رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام تقول : «من أدّى الزكاة فقد وقي شحّ نفسه» (١). ويبدو أنّ ذلك أحد المصاديق الحيّة في مسألة الشحّ وليس كلّ (الشحّ).
وفي حديث آخر عن الصادق عليهالسلام ـ أيضا ـ : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام يطوف من أوّل الليل إلى الصباح وهو يقول : «اللهمّ قني شحّ نفسي» فقلت : جعلت فداك ما سمعتك تدعو ، بغير هذا الدعاء قال : «وأي شيء أشدّ من شحّ النفس وأنّ الله يقول : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)» (٢).
وللتشجيع على الإنفاق والتحذير من البخل ، يقول تعالى : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ).
وكم هو رائع هذا التعبير الذي تكرّر مرّات عديدة في القرآن الكريم فالله الخالق الواهب للنعم الذي له كلّ شيء ، يستقرض منّا ثمّ يعدنا بأنّه سيعوّضنا أضعاف ذلك ، إنّه لطف ما بعده لطف!
وغير بعيد أن يكون ذلك إشارة إلى أهميّة الإنفاق من جهة ، وإلى اللطف اللامحدود لله تعالى الذي يغمر به عباده من جهة اخرى.
«القرض» في الأصل بمعنى القطع ، ولأنّها اقترنت بكلمة (حسن) فإنّها تعني فصل المال عن النفس وإنفاقه في الخير.
«يضاعفه» من مادّة «ضعف» (على وزن شعر) وكما قلنا سابقا : إنّها تشتمل على عدّة أضعاف وليس ضعفا واحدا ، كما جاء في سورة البقرة آية ١٦١.
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٠١.
(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٣٤٦.