قسمين مختلفين من المؤمنين :
قسم المقرّبين وأصحاب الوجوه النورانية ، وهؤلاء نورهم يتحرّك أمامهم.
والقسم الثاني وهم أصحاب اليمين ويكون نورهم عن أيمانهم ، وذلك كناية عن صحيفة أعمالهم التي تعطى بأيديهم اليمنى ويخرج النور منها.
كما يوجد احتمال آخر أيضا وهو أنّ النورين إشارة إلى مجموعة واحدة ، وما يقصد بنور اليمين هو كناية عن النور الذي يصدر عن أعمالهم الصالحة ويضيء جميع أطرافهم.
وعلى كلّ حال فإنّ هذا النور هو دليلهم إلى الجنّة ، وعلى ضوئه يسيرون بسرعة إليها.
ومن جهة ثالثة بما أنّ مصدر هذا النور الإلهي هو الإيمان والعمل الصالح فلا شكّ أنّه يختلف باختلاف درجات الإيمان ومستوى الأعمال الصالحة للبشر ، فالأشخاص ذوو الإيمان الأقوى فإنّ نورهم يضيء مسافة أطول ، والذين لهم مرتبة أقل يتمتّعون بنور يناسب مرتبتهم ، حتّى أنّ نور بعضهم لا يضيء موضع أقدامهم ، كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم في نهاية الآية مورد البحث : «يقسّم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم» (١).
وهنا يصدر هذا النداء الملائكي باحترام للمؤمنين : (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
أمّا المنافقون الذين سلكوا طريق الظلام والكفر والذنوب والمعصية ، فإنّ صراخهم يعلو في مثل تلك الساعة ويلتمسون من المؤمنين شيئا من النور ، لكنّهم يواجهون بالرد والنفي. كما في قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (٢).
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٤١ ، حديث ٦٠.
(٢) انظرونا من مادّة (نظر) في الأصل بمعنى الفكر أو النظر لمشاهدة إدراك شيء ، وتأتي أحيانا بمعنى التأمّل والبحث.