وقد يراد من هذا التعبير الإشارة إلى الهدف من وراء هذه الامتحانات والاختبارات الصعبة ، وهو إيقاظ الناس وتربيتهم وإعدادهم لمجابهة الغرور والغفلة ، وسيؤثر ذلك حتما ويدفع الإنسان إلى طاعة الله ورسوله ، و (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ).
لا يخفى أنّ إطاعة الرّسول فرع عن إطاعة الله تعالى وطاعة الرّسول تقع في طول طاعة الله ، فهما في خطّ واحد ، وهذا ما جعله يكرّر كلمة إطاعة.
وإذا ما حاولنا الذهاب أبعد من ذلك ، فإنّ طاعة الله تتعلّق بأصول القوانين والتشريعات الإلهيّة ، بينما طاعة الرّسول في تفسيرها وفي المسائل التنفيذية وفي التفاصيل ، فعلى هذا تكون الاولى هي الأصل ، والثانية فرع.
ثمّ يضيف قائلا : (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ).
نعم ، إنّ الرّسول ملزم بتبليغ الرسالة ، وسيتولّى البارئ جلّ شأنه محاسبتكم ، وهذا نوع من التهديد الخفي الجادّ.
ويشير القرآن الكريم في الآية اللاحقة إلى قضيّة التوحيد في العبودية ، التي تشكّل المبرّر الطبيعي لوجوب الطاعة ، إذ يقول تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وبما أنّه كذلك إذا : (عَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
فليس غير الله يستحقّ العبودية ، لأنّه لا مالك ولا قادر ولا عالم غيره ، والغنى كلّه له ، وكلّ ما لدى الآخرين فمنه وإليه ، فيجب الرجوع له والاستعانة به على كلّ شيء.
* * *