لطيفة.
(وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) لأنّه ينطوي على شيء من التحسين والعذوبة.
وفي الوقت الذي يتأثّر الرّسول بحديث بعضهم ـ كما يبدو من ظاهر التعبير ـ فكيف بالآخرين؟!
هذا فيما يخصّ ظاهرهم ، أمّا باطنهم فـ (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ).
فأجسامهم خالية من الروح ، ووجوههم كالحة ، وكيانهم خاو منخور من الداخل ، ليس لهم أيّة إرادة ولا يتمتّعون بأيّة استقلالية (كالأخشاب المسنّدة) المكدّسة.
روى بعض المفسّرين في صفة رئيس المنافقين (عبد الله بن أبي) «كان عبد الله بن أبي رجلا جسيما صبيحا فصيحا ذلق اللسان ، وقوم من المنافقين في مثل صفته ، وهم رؤساء المدينة ، وكانوا يحضرون مجلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيستندون فيه ، ولهم جهارة المناظرة وفصاحة الألسن ، فكان النبي ومن حضر يعجبون بهياكلهم ويسمعون إلى كلامهم» (١).
وكان هؤلاء يتميّزون بالضعف والخواء في داخلهم ، لا يعرفون التوكّل والاعتماد على الله ولا على أنفسهم ، فهم كما يصفهم القرآن الكريم في آية اخرى : (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ).
يسيطر عليهم الخوف والرعب وسوء الظنّ ، وتغمر أرواحهم النظرة السوداء السيّئة .. تجدهم في خوف دائم من ظلمهم وخيانتهم حتّى اعتبر ذلك علامة مميّزة لهم (الخائن خائف).
وقد نبّه القرآن الكريم في نهاية الآية قائلا : (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ) أي هم الأعداء الواقعيون.
__________________
(١) الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٥٤٠.