(وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً).
ولكن (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
فمن المؤكّد ، أنّ الثواب والجزاء الإلهي والبركات التي يحظى بها الإنسان عند حضوره صلاة الجمعة والاستماع إلى المواعظ والحكم التي يلقيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما ينتج عن ذلك من تربية روحية ومعنوية ، لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر. فإذا كنتم تظنّون انقطاع الرزق فإنّكم على خطأ كبير لأنّ (اللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
التعبير بـ «اللهو» إشارة إلى الطبل وسائر آلات اللهو التي كانت تستعمل عند دخول قافلة جديدة إلى المدينة. فقد كانت تستعمل كإعلان وإخبار عن دخول القافلة ، إضافة إلى كونها وسيلة للترفيه والدعاية واللهو ، كما نشاهد ما يشابه ذلك في الغرب هذه الأيّام.
التعبير بـ «انفضّوا» بمعنى الانتشار والانصراف عن صلاة الجمعة والذهاب إلى القافلة. فقد ورد في سبب النزول أنّ المسلمين تركوا الرّسول في خطبة الجمعة وتجمّعوا مع باقي الناس حول قافلة (دحيّة) ـ الذي لم يكن قد أسلم بعد ـ ولم يبق في المسجد إلّا ثلاثة عشر شخصا أو أقل ، كما جاء في رواية اخرى.
والضمير في «إليها» يرجع إلى التجارة التي أسرعوا إليها ، ولم يكن «اللهو» هو الهدف المقصود بل كان مجرّد مقدّمة للإعلان عن وصول القافلة إلى المدينة ، وكذلك للترفيه والدعاية للبضاعة.
التعبير بـ «قائما» يكشف عن أنّ الرّسول كان واقفا يلقي خطبة الجمعة ، كما جاء في حديث عن جابر أنّه قال : (لم أر رسول الله قطّ يخطب وهو جالس ، وكلّ من قال يخطب وهو جالس فكذّبوه) (١).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٢٨٦.