فعند ما يرتفع الأذان لصلاة الجمعة يكون لزاما على الناس أن يتركوا مكاسبهم ومعايشهم ، ويذهبوا إلى الصلاة وهي أهمّ ذكر لله.
وعبارة (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ...) إشارة إلى أنّ إقامة صلاة الجمعة وترك المكاسب والعمل في هذا الوقت ، خير وأنفع للمسلمين من حطام الدنيا وملاذها الزائلة لو كانوا يعقلون. وإلّا فإنّ الله غني عن الجميع.
هذه نظرة عابرة إلى فلسفة صلاة الجمعة وما فيها من فضائل سنبحثها تباعا.
من الواضح أنّ لأمر ترك البيع والشراء مفهوما واسعا يشمل كلّ عمل يمكن أن يزاحم الصلاة.
أمّا لماذا سمّي يوم الجمعة بهذا الاسم؟ فهو لاجتماع الناس في هذا اليوم للصلاة ، وهذه المسألة لها تاريخ سنبحثه في النقاط القادمة.
ومن الجدير بالملاحظة أنّ بعض الروايات جاءت حول الصلاة اليومية «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة» (١).
وقد عبّرت الآية السابقة فيما يتعلّق بصلاة الجمعة بقولها (فاسعوا) لتعطي أهميّة بالغة لصلاة الجمعة.
المقصود من (ذكر الله) بالدرجة الاولى هو الصلاة ، ولكنّنا نعلم أنّ خطبتي صلاة الجمعة مشتملة هي الاخرى ومتضمّنة (لذكر الله) وهي في الحقيقة جزء من صلاة الجمعة. وبناء على ذلك ينبغي الإسراع لحضور الخطبتين أيضا.
تضيف الآية التي تليها قائلة : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ورغم أنّ عبارة (ابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) أو ما يشابهها من تعابير ، وردت في القرآن الكريم للحثّ على طلب الرزق والكسب والتجارة ، لكن الظاهر أنّ مفهوم
__________________
(١) روح المعاني ، ج ٢٨ ، ص ٩٠.