أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ).
ثمّ يشير القرآن إلى سبب خوفهم من الموت بقوله : (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).
لأنّ خوف الإنسان من الموت ناشئ من عاملين أساسيين :
الأوّل : عدم إيمان الإنسان بالحياة بعد الموت واعتقاده أنّ الموت زوال وفناء.
والثّاني : أعماله السيّئة التي يعتقد أنّه سيواجهها بعد مماته في عالم الآخرة عند ما تقام المحكمة الإلهية.
وإنّما يخاف اليهود من الموت لسوء أعمالهم إذ أنّهم يعتقدون ـ أيضا ـ بيوم الحساب.
وقد وصفهم القرآن الكريم بالظالمين ، وذلك لأنّ الظلم يتّسع ليشمل جميع الأعمال السيّئة والجرائم التي ارتكبوها ، من قتلهم الأنبياء وقول الزور وغصب الحقوق وتلوّثهم بمختلف المفاسد الأخلاقية.
غير أنّ هذا الخوف وذلك الفرار لا يجدي شيئا ، فالموت أمر حتمي لا بدّ أن يدرك الجميع ، إذ يقول تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
الموت قانون عام يخضع له الجميع بما فيهم الأنبياء والملائكة وجميع الناس (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
وكذلك المثول أمام محكمة العدل الإلهي لا يفلت منها أحد ، إضافة إلى علم الله تعالى بأعمال عباده بدقّة وبتفصيل كامل.
وبهذا سوف لا يكون هناك طريق للتخلّص من هذا الخوف سوى تقوى الله وتطهير النفس والقلب من المعاصي ، وبعد أن يخلص الإنسان لله تعالى فإنّه لن