هُوَ) (١).
والتوجّه بهذا الفهم نحو الذات الإلهية يؤدّي بالإنسان إلى الإيمان بأنّ الله حاضر وناظر في كلّ مكان ، وعندئذ يتسلّح بالتقوى ، ثمّ يعتمد على رحمته العامّة التي تشمل جميع الخلائق : (الرحمن) ورحمته الخاصّة التي تخصّ المؤمنين ، (والرحيم) لتعطي للإنسان أملا ، ولتعينه في طريق بناء نفسه والتكامل بأخلاقه وسلوكه بالسير نحو الله ، لأنّ هذه المرحلة ـ الحياة الدنيا ـ لا يمكن للإنسان أن يجتازها بغير لطفه ، لأنّها ظلمات وخطر وضياع.
وبهذا العرض ـ بالإضافة إلى صفة التوحيد ـ فقد بيّنت الآية الكريمة ثلاثة من صفاته العظيمة ، التي كلّ منها تلهمنا نوعا من المعرفة والخشية لله سبحانه.
أمّا في الآية اللاحقة ، فبالإضافة إلى التأكيد على مسألة التوحيد فإنّها تذكر ثمانية صفات اخرى لله سبحانه ، حيث يقول البارئ عزوجل : (هُوَ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
(الْمَلِكُ) الحاكم والمالك الحقيقي لجميع الكائنات.
(الْقُدُّوسُ) المنزّه من كلّ نقص وعيب.
(السَّلامُ) (٢) لا يظلم أحد ، وجميع الخلائق في سلامة من جهته.
وأساسا فإنّ دعوة الله تعالى هي للسلامة (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ) (٣).
وهدايته أيضا باتّجاه السلامة (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (٤).
__________________
(١) الأنعام ، الآية ٥٩.
(٢) فسّر البعض كلمة «سلام» هنا بمعنى «السلامة من كلّ عيب ونقص وآفة» ، وبالنظر إلى أنّ هذا المعنى مندرج في القدّوس والتي جاءت سابقا ، بالإضافة إلى أنّ كلمة سلام تقال في القرآن الكريم في الغالب بمعنى إعطاء السلامة للآخرين ، وأساسا فإنّ كلمة سلام تقال عند اللقاء وتعني إظهار الصداقة والمحبّة وبيان الروابط الحميمة مع الطرف المقابل ، فإنّ ما ذكرناه أعلاه هو الأنسب حسب الظاهر. (يرجى الانتباه لذلك).
(٣) يونس ، الآية ٢٥.
(٤) المائدة ، الآية ١٦.