دخل قوم من قبيلة «مضر» ، متقلّدين السيف ومتهيئين للجهاد في سبيل الله ، إلّا أنّ ملابسهم رثّة ، فعند ما رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم آثار الطاقة والجوع عليهم ، تغيّرت ملامح وجهه ، فدعا الناس إلى المسجد وارتقى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : «أمّا بعد ، ذلكم فإنّ الله أنزل في كتابه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ) ... تصدّقوا قبل أن لا تصدقوا ، تصدّقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة ، تصدّق امرؤ من ديناره ، تصدّق امرؤ من درهمه ، تصدّق امرؤ من برّه ، من شعيرة ، من تمره ، لا يحقّرن شيء من الصدقة ولو بشقّ تمرة».
فقام رجل من الأنصار ، وأعطى كيسا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فظهرت آثار الفرحة والسرور على وجهه المبارك ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من سنّ في الإسلام سنّة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها ، لا ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سنّ سنّة سيّئة فعمل بها كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ، لا ينقص من أوزارهم شيئا. فقام الناس فتفرّقوا فمن ذي دينار ومن ذي درهم ومن ذي طعام ومن ذي ومن ذي فاجتمع فقسّمه بينهم».
وقد أكّدت هذا المعنى آيات قرآنية اخرى ولمرّات عديدة ، ومن جملة ذلك ما ورد في قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١).
* * *
__________________
(١) البقرة ، الآية ١١٠.