وقد ذكر ابن أبي الحديد قصّة فدك بصورة مفصّلة في شرح نهج البلاغة (١) ، كما ذكرت كذلك في كتب اخرى كثيرة.
إلّا أنّ بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يعتقد أنّ وجود (فدك) بيد زوجة الإمام علي عليهالسلام تمثّل قدرة اقتصادية يمكن أن تستخدم في مجال التحرّك السياسي الخاصّ بالإمام علي عليهالسلام. ومن جهة اخرى كان هنالك موقف وتصميم على تحجيم حركة الإمام عليهالسلام وأصحابه في المجالات المختلفة ، لذا تمّت مصادرة تلك الأرض بذريعة الحديث الموضوع : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث). مع أنّ (فدك) كانت بيد فاطمة عليهاالسلام ، وذو اليد لا يطالب بشهادة أو بيّنة. والجدير بالذكر أنّ الإمام علي عليهالسلام قد أقام الشهادة على أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد منح فدكا إلى فاطمة. إلّا أنّهم مع كلّ هذا لم يرتّبوا أثرا على هذه الشهادة.
وقد استعملت قضيّة فدك عبر العصور التأريخية المختلفة كموضوع يراد التظاهر من خلاله بالودّ لأهل البيت عليهمالسلام من قبل بعض الخلفاء وذلك لمآرب سياسيّة ، فكانوا يرجعون فدكا لآل الرّسول تارة ، ويصادرونها ثانية ، وقد تكرّر هذا الفعل عدّة مرّات في فترات حكم خلفاء بني اميّة وبني العبّاس.
وقصّة فدك وما رافقها من أحداث مؤلمة وقعت في صدر الإسلام هي من أكثر القصص ألما وحزنا ، وفي نفس الوقت تكاد أن تكون من أكثر حوادث التاريخ عبرة ، ولا بدّ من التوقّف عندها والتأمّل في أحداثها المختلفة ضمن بحث محايد دقيق.
والجدير بالملاحظة أنّه روى مسلم في صحيحة قال : (حدّثني محمّد بن رافع ، أخبرنا حجين ، حدّثنا ليث بن عقيل ، عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة ، أنّها أخبرته أنّ فاطمة بنت رسول أرسلت إلى أبي بكر الصدّيق تسأله
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ، ج ١٦ ، ص ٢٠٩ وما بعدها.