الحركة والمقاومة ، لقد جهّزوا وهيّئوا أنفسهم لقتال المهاجرين والأنصار غافلين عن إرادة الله تعالى ، حيث يرسل لهم جيشا من داخلهم ويجعلهم في مأزق حرج إلى حدّ ينهمكون فيه على تخريب بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم من المسلمين.
صحيح أنّ مقتل زعيمهم «كعب بن الأشرف» ـ قبل الهجوم على قلاعهم وحصونهم ـ كان سببا في إرباكهم واضطراب صفوفهم ، إلّا أنّ من الطبيعي أنّ مقصود الآية غير ما تصوّره بعض المفسّرين ، فإنّ ما حدث كان نوعا من الإمداد الإلهي للمسلمين الذين حصل لهم مرّات عديدة حين جهادهم ضدّ الكفّار والمشركين.
والطريف هنا أنّ المسلمين كانوا يخرّبون الحصون من الخارج ليدخلوا إلى عمق قلاعهم ، واليهود كانوا يخرّبونها من الداخل حتّى لا يقع شيء مفيد منها بأيدي المسلمين ، ونتيجة لهذا فقد عمّ الخراب التامّ جميع قلاعهم وحصونهم.
وذكرت لهذه الآية تفاسير اخرى أيضا منها : أنّ اليهود كانوا يخربونها من الداخل لينهزموا ، أمّا المسلمون فتخريبهم لها من الخارج ليظفروا باليهود ويجهّزوا عليهم (إلّا أنّ هذا الاحتمال مستبعد).
أو يقال إنّ لهذه الآية معنى كنائي ، وذلك كقولنا : إنّ الشخص الفلاني هدم بيته وحياته بيده ، يعني أنّه بسبب جهله وتعنّته دمّر حياته.
أو أنّ المقصود من تخريب اليهود لبعض البيوت ، هو من أجل إغلاق الأزقّة الموجودة داخل القلاع ومنع المسلمين من التقدّم ولكي لا يستطيعوا السكن فيها.
أو أنّهم هدموا قسما من البيوت داخل القلعة حتّى إذا ما تحوّلت الحرب إلى داخلها يكون هنا لك مكان كاف للمناورة والحرب.
أو أنّ مواد بناء بعض البيوت كان ثمينا فخرّبوها لكي يحملوا ما هو مناسب منها ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل أنسب من الجميع.
وفي نهاية الآية ـ بعنوان استنتاج كلّي ـ يقول تعالى : (فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي