الوعود قطعيّة فلما ذا استشهد الكثير من الرسل الإلهيين والأئمّة المعصومين والمؤمنين الحقيقيين دون تحقيق النصر؟
هؤلاء المنتقدين والمتسائين لم يشخّصوا في الحقيقة معنى الإنتصار بصورة صحيحة ، فمثلا هل يمكن أن نتصوّر أنّ الإمام الحسين عليهالسلام قد اندحر لأنّه استشهد في كربلاء هو وأصحابه ، في حين نعلم جيّدا بأنّه عليهالسلام قد حقّق هدفه النهائي في فضح بني اميّة ، وبنى صرح العقيدة والحرية ، وأعطى الدروس لكلّ أحرار العالم ، وإنّه يعتبر الآن زعيم أحرار عالم الإنسانية وسيّد شهداء الدنيا ، بالإضافة إلى انتصار خطّه الفكري ومنهجه بين أوساط مجموعة عظيمة من الناس؟ (١).
والجدير بالذكر أنّ هذا الإنتصار القطعي ثابت وفقا للوعد الإلهي بالنصر للسائرين على خطّ الأنبياء والرسالة ، وهذا يعني انتصار مضمون وأكيد من قبل الله تعالى ، كما في قوله عزوجل : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٢).
ومن الطبيعي أنّ كلّ من يطلب العون من الله فإنّ الله سوف ينصره ، إلّا أنّه يجب ألّا ننسى أنّ هذا الوعد الحقيقي لله سبحانه لن يكون بدون قيد أو شرط ، حيث أنّ شرطه الإيمان وآثاره ، شرطه ألّا يجد الضعف طريقه إلى نفوسنا ، ولا نخاف ولا نحزن من المصائب ، ونجسّد قوله تعالى : (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٣).
والشرط الآخر أن نبدأ التغيير من داخل نفوسنا ، لأنّ الله تعالى لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم قال تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ
__________________
(١) للتوضيح الأشمل في هذا المجال يراجع تفسير الآية (١٧١) من سورة الصافات.
(٢) المؤمن ، الآية ٥١.
(٣) آل عمران ، الآية ١٣٩.