وقد خانني صبري وهاجت صبابتي |
|
رسوم ديار اقفرت وعرات |
مدارس آيات خلت من تلاوة |
|
ومنزل وحي مقفر العرصات |
حتّى أتى على آخرها. فلمّا فرغ من إنشادها قام الرضا عليهالسلام فدخل إلى حجرته وأنفذ إليه صُرّة فيها مائة دينار واعتذر إليه فردّها دعبل وقال : واللّه ما لهذا جئت وانّما جئت للسلام عليك والتبرّك بالنظر إلى وجهك الميمون وانّي لفي غنى فإن رأيت أن تعطيني شيئاً من ثيابك للتبرّك فهو أحب فأعطاه الرضا جبّة خز وردّ عليه الصرة (١).
كان الامام في مرو يقصده البعيد والقريب من مختلف الطبقات وقد انتشر صيته في بقاع الأرض وعند ذلك أحسَّ المأمون أنّ اعطاءه ولاية العهد ربّما يؤدّي إلى الاطاحة بخلافته ، وقوّى ذلك الظن أنّ المأمون بعث إليه يوم العيد في أن يصلّي بالناس ويخطب فيهم فأجابه الرضا عليهالسلام : إنّك قد علمت ما كان بيني وبينك ما كان من الشروط في دخول الأمر فاعفني في الصلاة بالناس فقال له المأمون : إنَّما اُريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ، ويعرفوا فضلك ، ولم تزل الرسل تتردّد بينهما في ذلك حتّى ألحّ عليه المأمون. فارسل إليه الرضا : إن أعفيتني فهو أحبّ إلىّ وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأميرالمؤمنين عليهالسلام فقال له المأمون : اُخرج كيف شئت وأمر القوّاد والحجاب والناس أن يبكروا إلى باب الرضا قال : فعقد الناس لأبي الحسن عليهالسلام في الطرقات والسطوح واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه فاغتسل أبو الحسن ولبس ثيابه وتعمّم بعمامة بيضاء من قطنٍ ، ألقى طرفاً منها على صدره وطرفاً بين كتفه ومسّ
__________________
١ ـ ابن الصباغ : الفصول المهمة ٢٤٦ والمفيد : الارشاد ٣١٦ وللقصة صلة ومن أراد فليرجع إلى المصدرين المذكورين.