الثورة صحابي قديم اشتهر بالورع والتقوى ـ وكان من كبار أئمّة الحديث ـ وهو أبوذر الغفاري الذي تحدّى سياسة عثمان ومعاوية واليه على الشام بتحريض رجل من أهل صنعاء وهو عبداللّه بن سبأ ، وكان يهوديّاً فأسلم ، ثمّ أخذ ينتقل في البلاد الإسلامية ، فبدأ بالحجاز ، ثمّ البصرة فالكوفة والشام ومصر ... الخ (١).
هذا حال من كتب عن الشيعة من المسلمين ، وأمّا المستشرقون المتطفّلون على موائد المسلمين فحدّث عنهم ولا حرج ، فقد اتبعوا تلك الفكرة الخاطئة في كتبهم الاستشراقية التي تؤلّف لغايات خاصّة ، فم أراد الوقوف على كلماتهم فليرجع إلى ما ألّفه الباحث الكبير السيد مرتضى العسكري في ذلك المجال ، فإنّه ـ دام ظلّه ـ حقّق المقال ولم يبق في القوس منزعاً (٢).
١ ـ إنّ ما جاء في تاريخ الطبري من القصّة ، على وجه لا يصحّ نسبته إلاّ إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن ، إذ كيف يصحّ لإنسان أن يصدّق أنّ يهوديّاً جاء من صنعاء وأسلم في عصر عثمان ،واستطاع أن يُغري كبار الصحابة والتابعين ، ويخدعهم ويطوف بين البلاد واستطاع أن يكوّن خلايا ضدّ عثمان ويستقدمهم على المدينة ويؤلِّبهم على الخلافة الإسلامية ، فيهاجموا داره ويقتلوه ، بمرأى ومسمع من الصحابة العدول ومن تبعهم باحسان ، هذا شيء لا يحتمله العقل وإن وطّن على قبول العجائب والغرائب.
إنّ هذه القصّة تمس كرامة المسلمين والصحابة والتابعين ، وتصوّرهم اُمّة
__________________
١ ـ تاريخ الإسلام السياسي ٣٤٧.
٢ ـ عبداللّه بن سبأ١ / ٤٦ ـ ٥٠ ، وكتابه هذا من أنفس الكتب وحسنات الزمان.