شيئاً من الطيب وأخذ بيده عكازة وقال لمواليه : افعلوا ما فعلت فمشى قليلاً ورفع رأسه إلى السماء وكبّر وكبّر مواليه معه ، فلمّا رآه الجند والقواد سقطوا كلّهم عن الدواب إلى الأرض ثمّ كبّر وكبر الناس فخيل إلينا أنّ السماء والحيطان تجاوبه وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج لما رأوه فبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل : إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل فتن به الناس ، وخفنا كلّنا على دمائنا ، فأنفذ إليه أن يرجع فرجع الرضا عليهالسلام واختلف أمر الناس في ذلك اليوم (١).
وقد أشار الشاعر البحتري إلى تلك القصّة بأبيات :
ذكروا بطلعتك النبي (ص) فهللوا |
|
لما طلعت من الصفوف وكبروا |
حتّى انتهيت إلى المصلى لابساً |
|
نور الهدى يبدو عليك فيظهر |
ومشيت مشية خاشع متواضع |
|
للّه لا يزهى ولا يتكبر (٢) |
إنّ هذا وأمثاله وبالأخص خروج أخ المأمون زيد بن موسى بالبصرة على المأمون. لأنّه فوض ولاية العهد لعلي بن موسى الرضا وبالتالي سيؤدي إلى خروج الأمر من بيت العباسيين ـ كل ذلك ـ دفع المأمون إلى أن يريح نفسه وقومه من هذا الخطر فدسّ إليه السم على النحو المذكور في التاريخ.
ومن لطيف ما نقل عن أبي نواس انّه كان ينشد الشعر في كل جليل وطفيف ولم يمدح الامام فاعتذر عنه بالأبيات التالية.
قيل لي أنت أحسن الناس طرّاً |
|
في فنون من الكلام النبيه |
لك من جوهر الكلام بديع |
|
يثمر الدر في يدي مجتنيه |
فعلام تركت مدح ابن موسى |
|
والخصال التي تجمّعن فيه |
__________________
١ ـ المفيد : الارشاد ٣١٢.
٢ ـ أعيان الشيعة ٢ / ٢١ ـ ٢٢.