بِالمُلكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَالِ قَالَ إنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَاللّهُُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشآءُ وَاللّهُ واسِعُ عَليمٌ ) (١).
والامامة التي يتبنّاها المسلمون بعد رحلة النبي الأكرم ، تتّحد واقعيتها مع هذه الامامة.
قد تعرّفت على المقصود من جعل الخليل إماماً للناس ، وانّ المراد هو القيادة الإلهية ، وسوق الناس إلى السعادة بقوّة وقدرة ومنعة. بقي الكلام في تفسير الظالم الذي ليس له من الإمامة سهم ، فنقول :
لمّا خلع سبحانه ثوب الامامة على خليله ، ونصبه إماماً للناس ، ودعا إبراهيم أن يجعل من ذرّيته إماماً ، اُجيب بأنّ الامامة منصب إلهي ، لا يناله الظالمون ، لأنّ الإمام هو المطاع بين الناس ، المتصرّف في الأموال والنفوس ، فيجب أن يكون على الصراط السويّ ، والظالم المتجاوز عن الحد لا يصلح لهذا المنصب.
إنّ الظالم الناكث لعهد اللّه ، والناقض لقوانينه وحدوده ، على شفا جرف هار ، لا يؤتمن عليه ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة ، لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدي ، وعلى استعداد لأن يقع أداة للجائرين ، فكيف يصح في منطق العقل أن يكون إماماً مطاعاً ، نافذ القول ، مشروع التصرّف. وعلى ذلك ، فكل من ارتكب ظلماً وتجاوز حداً في يوم من أيام عمره ، أو عبد صنماً ، أو لاذ إلى وثن ، وبالجملة ارتكب ما هو حرام فضلاً عمّا هو شرك وكفر ، ينادى من فوق العرش في حقه : ( لا ينال عهدي الظالمين ) من غير فرق بين صلاح حالهم بعد تلك الفترة ، أو البقاء على ما كانوا عليه.
__________________
١ ـ البقرة / ٢٤٧.