نفسي من الخلافة واُقلّدك إيّاها فما رأيك؟ فأنكر الرضا عليهالسلام هذا الأمر وقال له : اُعيذك باللّه يا أميرالمؤمنين من هذا الكلام وأن يسمع به أحد ، فرد عليه الرسالة فإذا أبيت ما عرضت عليك فلابد من ولاية العهد بعدي فرد عليه الرضا اباءً شديداً ، ثمّ استدعاه إليه ثانياً وخلا به ومعه الفضل بن سهل ذو الرياستين ليس في المجلس غيرهم وقال له : إنّي قد رايت أن اُقلّدك أمر المسلمين وافسخ ما في رقبتي واضعه في رقبتك فقال له الرضا عليهالسلام : اللّه اللّه يا أميرالمؤمنين انّه لا طاقة لي بذلك ولا قوّة لي عليه قال له : فانّي موليك العهد من بعدي فقال له : اعفني من ذلك يا أميرالمؤمنين فقال له المأمون كلاما فيه التهديد له على الامتناع عليه وقال في كلامه : انّ عمر بن الخطاب جعل الشورى في ستة أحدهم جدّك أميرالمؤمنين عليهالسلام وشرط في من خالف منهم أن يضرب عنقه ولابد من قبولك ما اُريد منك فإنّي لا أجد محيصاً عنه فقال له الرضا عليهالسلام : فإنّي اُجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد على انّني لا آمر ولا أنهى ولا أفتي ولا اقضي ولا اُولي ولا أعزل ولا اُغيّر شيئاً ممّا هو قائم فأجابه المأمون إلى ذلك كلّه (١).
بعد قبول علي بن موسى الرضا عليهماالسلام بولاية العهد قامَ بين يديه الخطباء والشعراء فخفقت الألوية على رأسه وكان فيمن ورد عليه من الشعراء دعبل ابن علي الخزاعي فلمّا دخل عليه قال : قلت قصيدة وجعلت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك فأمره بالجلوس حتّى خف مجلسه ثم قال له : هاتها. فأنشد قصيدته المعروفة :
ذكرت محل الربع من عرفات |
|
فأجريت دمع العين على الوجنات |
__________________
١ ـ الارشاد للمفيد ٣١٠.