الثلاثة عليه (١).
وهذه الشبهة من الوهن بمكان ، وذلك لأنّه لا يجتمع مع حكمة المتكلّم وبلاغته ولا مع شيء من أفعاله العظيمة وأقواله الجسيمة ، وهويستلزم أن لا تعم ولايته جميع الناس والحضّار ، فيخرج عن ولايته الخلفاء الثلاثة ، مع أنّ الشيخين ـ حينما سمعا قول رسول اللّه ـ قالا له : بخ بخ لك يا علي ، أمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (٢).
إنّ من سبر غضون السير والتواريخ يقف على أنّ النبي الأكرم لم يبرح يدعوالناس إلى علي بالتصريح تارة ، والاشارة اُخرى من بدء الدعوة إلى ختامها. فتارة يعرّفة بأنّه خليفته ووصيّه ووزيره ، واُخرى بأنّ منزلته منه منزلة هارون من موسى ، وأنّ له كل المناصب الثابتة لهارون إلاّ منصب واحد وهوالنبوّة ، والدليل على ذلك هوالاستثناء « إلاّ أنّه لا نبي بعدي » وقد كان هارون وزيراً لموسى وشريكاً له في النبوّة قال سبحانه : ( وأخِى هَارُونُ هُوَ أفْصَحُ مِنِّى لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِىَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِى إِِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآياتِنا أَنتَُما وَمنِ اتَّبَعَكُمَا الغَالِبُونَ ) (٣) وقال سبحانه حاكياً عن موسى : ( وَاجْعَل لِى وَزيراً مِنْ أَهْلِى * هَارُونَ أَخِى * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى * وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى * كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً * إِنَّكَ كُنْتَ
__________________
١ ـ الصواعق المحرقة ٤٤.
٢ ـ مسند أحمد ٤ / ٢٨١.
٣ ـ القصص / ٣٤ ـ ٣٥.