عليها ، وقد شكى بعضهم رسول اللّه من شدّة الحر ، فلم يجبه ، إذ لم يكن له أن يبدل الأمر الإلهي من تلقاء نفسه ، إلى أن ورد الرخصة بالسجود على الخمر والحصر فوسع الأمر للمسلمين لكن في اطار محدود ، وعلى ضوء هذا فقد مرّت في ذلك المجال على المسلمين مرحلتان لا غير :
١ ـ ما كان الواجب فيها على المسلمين ، السجود على الأرض بأنواعها المختلفة من التراب والرمل والحصى والطين ، ولم تكن هناك أية رخصة.
٢ ـ المرحلة التي ورد فيها الرخصة بالسجود على نبات الأرض من الحصر والبواري والخمر ، تسهيلاً للأمر ، ورفعاً للحرج والمشقّة ولم تكن هناك أية مرحلة اُخرى توسع الأمر للمسلمين أكثر من ذلك كما يدّعيه أهل السنّة وإليك البيان :
١ ـ روى الفريقان عن النبيّ الأكرم أنّه قال : « وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً » (١).
والمتبادر من الحديث انّ كل جزء من الأرض مسجد وطهور يُسْجد عليه ويُقْصَد للتيمّم ، وعلى ذلك فالأرض تقصد للجهتين : للسجود تارة والتيمّم اُخرى.
وأمّا تفسير الرواية بأنّ العبادة والسجود للّه سبحانه لا يختص بمكان دون مكان ، بل الأرض كلّها مسجد للمسلمين بخلاف غيرهم حيث خصّوا العبادة بالبيع والكنائس ، فهذا المعنى ليس مغايراً لما ذكرناه ، فانّه إذا كانت الأرض على وجه الاطلاق مسجداً للمصلّي فيكون لازمه كون الأرض كلّها صالحة للعبادة ، فما ذكر
__________________
١ ـ صحيح البخاري ١ / ٩١ كتاب التيمّم الحديث ٢ وسنن البيهقي ٢ / ٤٣٣ باب : أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد ، ورواه غيرهما من أصحاب الصحاح والسنن.