توفّي رسول اللّه وكان أبوبكر خارج المدينة فقام عمر بن الخطاب فقال : إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول اللّه قد توفّي ، وانّ رسول اللّه ما مات ، ولكن ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل أنّه قد مات فواللّه ليرجعنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّا رجع موسى وليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مات فما زال عمر يتكلّم حتّى أزبد شدقاه. فقال العباس : إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يأسن كما يأسن البشر. وانّ رسول اللّه قد مات فادفنوا صاحبكم أيميت أحدكم إماتة ويُميته إماتتين؟ هو أكرم على اللّه من ذلك فان كان كما تقولون فليس على اللّه بعزيز أن يبحث عنه التراب فيخرجه إن شاء اللّه.
وما زال الجدال مستمرّاً بين عمر والعباس وشاركهم سائر المسلمين إلى أن نزل أبوبكر من السُنح فسمع مقالة عمر فدخل البيت فكشف عن وجه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقبّله وقال : بأبي أنت واُمّي طبت حيّاً وميّتاً والذي نفسي بيده لا يذيقك اللّه الموتتين أبداً (١). ثم خرج فقال : على رِسْلِك يا عمر. فجلس عمر. فحمداللّه أبوبكر وأثنى عليه ثم قال : ألا من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات ، ومن كان يعبد اللّه فانّ اللّه حىّ لا يَمُوت وقال : ( إنّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) وقال : ( وما مُحَمَّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبلِهِ الرُّسُلُ أفَاِنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وسَيَجْزِى اللّهُ الشّاكرِينَ ) فتشنّج الناس. فقال عمر : واللّه ما هو إلاّ أن
__________________
١ ـ أين الوهابيون من موقف الخليفة هذا ، حيث أخذ يخاطب النبي وهو ميّت ، ويقبّله ويتبرّك به ، ويقول بأبيه واُمّه له.