إنّ القائلين بكون الحكم بعد رحلة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الشورى ، استدلّوا بأمرين :
١ ـ الآيتان الواردتان حول الشورى.
٢ ـ انّ خلافة الخلفاء تمّت بالشورى.
ونحن نبحث عن كلا الموضوعين بوجه موجز ، ونحيل التفصيل إلى الموسوعات الكلامية ، وإليك الآية الاُولى وتحليلها :
١ ـ ( فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ واسْتَغْفِر لَهُمْ وشاوِرهُمْ فِى الأمْرِ فإذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إنَّ اللّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ ) (١).
إنّ الاستدلال بها سببه الغفلة عن موردها ومضمونها فإنّ الخطاب فيها موجّه إلى الحاكم الذي فرضه سبحانه حاكماً على الاُمّة ، فيأمره أن يشاور أفراد الاُمّة فلا صلة للآية بالمدعى. فإنّ أقصى ما تفيده الآية هو أن لا يكون الحكاكم الاسلامي الذي تمّت سلطته ، مستبدّاً في أعماله ، وأمّا أنّ الامام ، يتعيّن عن طريق الشورى فالآية لا تدل عليه ، والذي يؤكّد ما قلناه انّه يأمر النبيّ بعد المشاورة. بالتوكّل عند العزم. وأنّ له الرأي النهائي والأخير.
والحاصل : انّ الآية خطاب للحاكم الاسلامي وأنّ عليه المشورة أوّلاً وأخذ التصميم النهائي ثانياً , وأمّا أنّ الحاكم الاسلامي يتعيّن من جانب الشورى ، فالآية أجنبية عنه فانّ الخطاب في الآية للحاكم لا لغيره.
وأمّا الآية الثانية : أعني قوله سبحانه في صفات المؤمنين : ( وأمْرُهُمْ
__________________
١ ـ آل عمران / ١٥٩.