إلى عصرنا ، فترى في حقول الكلام والفلسفة شخصيات بارزة ومؤلّفات لا تحصى في الكلام والفلسفة والمنطق ، وقد عاش كثير من هؤلاء في الظروف السياسية الصارخة بالدم والرعب ، وقد صار ذلك سبباً في اختفاء آثارهم وضياعها ، بل وتراكم الأساطير حولها.
وبذلك تقف على قيمة ما ذكره المستشرق آدم متز في حق كلام الشيعة :
« أمّا من حيث العقيدة والمذهب ، فانّ الشيعة هم ورثة المعتزلة ، ولابدّ أن يكون قلّة اعتداد المعتزلة بالأخبار المأثورة ممّا لاءم أغراض الشيعة ولم يكن للشيعة في القرن الرابع مذهب كلامي خاص به » (١).
إنّ الشيعة منذ بكرة أبيهم ، كانوا مقتفين أثر أئمتهم ، ولم يكونوا ورثة المعتزلة ، وانّما أخذت المعتزلة اُصول مذهبهم عن أئمة أهل البيت ، كما أوضحنا حاله في الجزء الثالث من هذه الموسوعة ، والعجب أنّ الشيعة كانت تناظر المعتزلة من عصر الامام الصادق عليهالسلام إلى عصر المفيد وبعدهم حتّى أنّ الشيخ المفيد وضع كتباً في نقد المعتزلة ، كما وضع قبلهم بعض أئمة المتكلمين من الشيعة ردوداً على المعتزلة ، فكيف يكون الشيعة ورثة للمعتزلة ، نعم وأنّ القائل خلط مسألة الاتّفاق في بعض المسائل بالتبعية والاقتفاء ، فالشيعة والمعتزلة تتفقان في بعض الاُصول ، لا أنّ أحدهما عيال على الآخر.
لم يكن اتّجاه الشيعة مختصّاً بالعلوم العقلية كالكلام والفلسفة والمنطق ،
__________________
١ ـ الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ، تعريب محمّد عبدالهادي أبو ريدة ١ / ١٠٦ الطبعة الثالثة.