المؤمنة أمنها ويقينها بالرسالة الاسلامية الخالدة » (١).
قام الامام بالخلافة ، وتقلّدها بعد مقتل عثمان ، وقد ترك ولاة يمتصّون دماء الناس ، ولم يكن الامام ممّن يساوم ويداهن ويترك الحق جانباً ، وأوّل ما قام به ، هو أنّه أزال الظلم عن الناس بازالة العمّال والولاة الظالمين ، الذين اكتنزوا الذهب والفضّة ، وملكوا العقارات والمواشي ، فعند ذلك قامت قيامة هؤلاء فهم بين ناكث وقاسط ، وضمّ إليهم أعداء يترقّبون الفرص للوثوب ، والانتقام ، لأنّه قتل آباءهم واستأصل شافتهم في الحروب والغزوات ، كل ذلك صار سبباً لانشغال الامام بالحروب الداخلية. ولو كان الامام آخذاً مقاليد الخلافة بعد الرسول ، بل حتى بعد خلافة الشيخين لما وجد الانحراف عن الدين وتعاليمه في الحياة مجالاً ولكنّه ـ يا للأسف ـ أخذ بها والمجتمع مثقّل بالأزمات والانحرافات.
هذا ابن أبي سفيان ، لمّا رأى انّ الأمصار الاسلامية عامدا الشام في طاعة الامام ، جمع حوله الأشقياء والبغاة ، يغيرون على البلاد الآمنة ، وينشرون الفوضى والفساد واحداً بعد واحد.
١ ـ فأرسل سفيان عوف الغامدي ، وقال : إنّي موجّهك في جيش كثيف ، ذي أداة وجلادة فالزم لي جانب الفرات ، حتى تمر بهيت (٢) فتقطعها ، فإن وجدت بها جنداً فأغر عليها ، وامض ، حتى تغير على الأنبار فإن لم تجد بها جنداً ، فامض حتى توغل المدائن ، فكأنّك غرت على الكوفة ، إنّ هذه الغارة يا سفيان على أهل العراق
__________________
١ ـ الزيدية نظرية وتطبيق ١٩.
٢ ـ هيت : بلد على الفرات فوق الأنبار.