بذلك عندي (١).
وقام بعده المستعين بالأمر ، فنقض كلّما عزله المنتصر من االبرّ والإحسان ، ومن جرائمه انّه قتل يحيى بن عمر بن الحسين ، قال أبو الفرج : وكان ـ رضي اللّه عنه ـ رجلاً فارساً شجاعاً شديد البدن ، مجتمع القلب ، بعيداً من رهق الشباب وما يعاب به مثله ، ولمّا اُدخل رأسه إلى بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكاراً له ، ودخل أبو هاشم على محمّد بن عبد اللّه بن طاهر ، فقال : أيّها الأمير جئتك مهنّا بما لو كان رسول اللّه حيّاً يعزّي به.
واُدخل الاُسارى من أصحاب يحيى إلى بغداد ولم يكن روي قبل ذلك من الاُسارى لحقه ما لحقهم من العسف وسوء الحال ، وكانوا يساقون وهم حفاة سوقاً عنيفاً ، فمن تأخّر ضربت عنقه.
قال أبو الفرج : وما بلغني أنّ أحداً ممّن قتل في الدولة العباسيّة من آل أبي طالب رثي بأكثر مما رثي به يحيى ، ولا قيل فيه الشعر بأكثر ممّا قيل فيه.
هذا قليل من كثير من المجازر الدامية ، التي قام بها بنو العباس وأتوا بجرائم لم يسبقهم أحد من الامويين ولا من جاء بعدهم إليها وهم كما قال الشاعر :
تا للّه إن كانت بنو اُميّة قد أتت |
|
قتل ابن بنت نبيّها مظلوما |
فلقد أتاه بنو أبيه بمثلها |
|
هذا لعمرك قبره مهدوما |
أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا |
|
في قتله فتتّبعوه رميما |
و من أراد أن يقف على سجلّ جرائم الدولتين ( الاموية والعباسية ) وملف مظالمهم فعليه قراءة القصائد الثلاث التي نظمها رجال مؤمنون مخلصون ، عرضوا أنفسهم للمخاوف والأخطار طلباً لرضى الحقّ :
__________________
١ ـ مقاتل الطالبيين ٦٣٦.