بعض من قد سلف من الولاة ولم يخلق اللّه تعالى شيئاً منها ، ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنّها حقّ لكثرة من قد رواها ممّن لم يعرف بكذب ولا بقلّة ورع (١).
ولعلّ في رسالة الامام أبي الشهداء ، وما قاله حفيده الامام الباقر عليهالسلام غنى وكفاية لمن أراد أن يعرف الأمر عن كثبٍ ويقف على مظالم الامويين في حق شيعة الامام ، غير أنّه ايضاحاً للحقيقة نؤكّد ذلك بكلام غيرهما لتتم الحجّة على الجميع.
كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس من شيعة على بن أبي طالب ، فلمّا قدم زياد الكوفة والياً عليها ، طلبه وأخافه ، فأتى الحسن بن علي مستجيراً به ، فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته ، فحبسهم وأخذ ماله وهدم داره ، فكتب الحسن إلى زياد : « من الحسن بن علي إلى زياد ، أمّا بعد : فإنّك عمدت إلى رجل من المسلمين لخ له مالهم ، وعليه ما عليهم ، فهدمت داره وأخذت ماله ، وحبست أهله وعياله ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فابن له داره ، واردد عليه عياله وماله ، وشفّعني فيه فقد أجرته » فكتب إليه زياد : من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة ، أمّا بعد : فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان وأنت سوقة ، كتبت إليّ في فاسق آويتَه إقامة منك على سوء الرأي ورضاً منك بذلك ، وأيم اللّه لا تسبقني به ، ولو كان بين جلدك ولحمك ، وإن نلت بعضك فغير رفيق بك ولا مرع عليك ، فإنّ أحبَّ لحم إليّ أن آكل منه ، اللحم الذي أنت منه ، فسلّمه بحريرته إلى من هو أولى به منك ، فإن عفوت عنه لم أكن شفّعتك فيه ، وإن قتلته لم
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ١١ / ٤٣ ـ ٤٤.