عن حقّكم ، وبمعصيتكم أمامكم بالحق ، وطاعتهم إمامهم بالباطل ، وبأَدائهم الأمانة إلى صاجهم ، وخيانتكم ، وبصلاحهم في بلادهم ، وفسادكم ، فلو ائتمنت أحدكم على قعب ، لخشيت أن يذهب بعلاقته » (١).
٣ ـ دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري ، وقال له : « سر حتى تمر بناحية الكوفة ، وترتفع عنها ما استطعت فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي ، فأغر عليه ، وإن وجدت له مسلحة أو خيلا ، فأغر عليها ، وإذا أصبحت في بلد فامس في اُخرى ، ولا تقيمن لخلي بلغك أنّها قد سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها » ثم جهّزه بثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف.
فأقبل الضحاك ، فنهب الأموال ، وقتل من لقي من الأعراب ، حتى مرّ بالثعلبية (٢) ، فأغار على الحاج ، فأخذ أمتعتهم ، ثم أقبل فلقي عمرو بن مسعود الهذلي ، وهو ابن أخي عبد اللّه بن مسعود ، صاحب رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقتله في طريقه الحاج عند القطقطانة (٣). وقتل معه ناساً من أصحابه (٤).
٤ ـ ولم يكتف معاوية بهذه الهجمات العنيفة على البلاد الآمنة ، بل جهّز بسر بن أرطاة مرّة ثانية ، لإراقة الدماء في حرم الرسول. ويقول ابن أبي الحديد : كان بسر بن أرطاة قاسي القلب فظّاً سفّاكاً للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة ، وقد جهّزه معاوية في ثلاثة آلاف ، قال له : سر حتى تمرّ بالمدينة ، فاطرد الناس ، وأخف من مررت به ، وانهب أموال كل من أحصيت له مالا ، فمن لم يكن دخل في طاعتنا ، فإذا دخلت المدينة فأرهم أنّك تريد أنفسهم ، وأخبرهم انّه لا براءة لهم عندك
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٥.
٢ ـ الثعلبية : من منازل طريق مكّة إلى الكوفة.
٣ ـ بالضم ثم السكون : موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف.
٤ ـ شرح نهج البلاغة ٢ / ١١٦ ـ ١١٧.