ترعب قلوبهم ، وتفرح كل من له فينا هوى منهم ، وتدعو إلينا كل من خاف الدوائر ، فاقتل من لقيته ممّن ليس على مثل رأيك ، وأخرب كل ما مررت به من القرى ، واحرب الأموال فإنّ حرب الأموال ـ أي سلبها ـ شبيهة بالقتل ، وهو أوجع للقلب » (١).
ولمّا بلغ عليّاً جنايات الرجل ، خطب خطبته المعروفة وقال :
« فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنّة فتحه اللّه لخاصّة أوليائه ، وهو لباس التقوى ، ودرع اللّه الحصينة ، وجنّته الوثيقة ـ إلى أن قال : ـ وهذا أخو غامد ، وقد وردت خيله الأنبار وقد قتل حسّان بن حسّان البكري ، وأزال خيلكم عن مسالحها ، ولقد بلغني أنّ الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والاُخرى المعاهدة ، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورُعُثها ، ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام ، ثمّ انسرفوا وافرين ما نال رجلاً منهم كلم ، ولا اُريق لهم دم ، فلو أنّ امرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفا ، ما كان به ملوما ، بل كان به عندي جديرا » (٢).
٢ ـ هذا بسر بن أرطاة ، بعثه معاوية إلى اليمن في جيش كثيف وأمره أن يقتل كل من كان في طاعة علي عليهالسلام فقتل خلقاً كثيراً ، وقتل فيمن قتل ابني عبيى اللّه بن العباس بن عبد المطلب ، وكانا غلامين صغيرين ، فقالت اُمّهما ترثيهما :
يا من أحسّ بابنيّ اللذين هما |
|
كالدرّتين تشظّى عنهما الصدف (٣) |
وقد خطب الامام بعدما بلغه النبأ بقوله : « اُنبئتُ بسراً قد اطّلع اليمن ، وانّي واللّه لأظنّ أنّ هؤلاء القوم سيدالون منكم باجتماعهم على باطلهم ، وتفرّقكم
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٢ / ٨٥.
٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٢٧.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٣٤٠ ، تشظّا : تفرّق شظايا ، راجع للوقوف على بقية الأبيات الكامل للمبرد وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرحه ٢ / ١٣.