أقول : أمّا تعليل الإجزاء بأنّه بمنزلة أداء الدين ـ كما صدر عن العلّامة وغير واحد ممّن تأخّر عنه ـ فلا يخلو من نظر ، لأنّ الدين حقّ مخصوص بمالكه يسقط بإبراء المالك أو استيفائه ذلك الحقّ من أيّ شخص يكون ، سواء رضي به المديون أم لا ، فإنّ رضا الدائن بكون ما وصل إليه عوضا عمّا يستحقّه من المديون كإبراء ذمّته ، كاف في سقوط حقّه وفراغ ذمة المديون ، من غير توقّفه على رضاه ، بل لا يبعد أن يقال :بعدم اعتبار رضا الدائن أيضا ، إذا كان المدفوع إليه من جنس ما يستحقّه ، فليس له الامتناع من قبوله فيما إذا بذله باذل تبرّعا وإن لا يخلو من تأمّل.
وهذا بخلاف الزكاة ، فإنها ليست ملكا لأحد بالخصوص ، بل المستحقّون مصرف لها ، فلا يترتّب على قبض واحد منهم وقبوله ورضاه كإبرائه وإسقاطه ، أثر ما لم يكن ذلك بتعيين من له ولاية التعيين ، أي : المالك أو من قام مقامه ، خصوصا على القول بتعلّق الزكاة بالعين ، فلا يقاس التبرّع بأداء الزكاة المتعلّق بمال «زيد» على التبرّع بوفاء الدين المتعلّق بذمّته الذي هو حقّ لخصوص الدائن لا يعقل بقاؤه بعد رضا الدائن بكون ما وصل إليه وفاء عنه ولو من غير جنسه أو بأقلّ من حقّه بأيّ حيلة يكون ولو بفعل الأجنبي.
اللهمّ إلّا أن يدلّ عليه دليل تعبّدي.
هذا ، مضافا إلى ما قد يقال بأنّ الزكاة من العبادات المتوقّف سقوط التكليف بها على مباشرة المكلّف ولو بالاستنابة أو التسبيب.
وفيه كلام يأتي في محله إن شاء الله.
وأمّا الصحيحة ، فهي بظاهرها غير قاصرة عن إفادة المدّعى.
ودعوى انصرافها إلى صورة إذن المقترض أو اشتراطه ، قابلة للمنع.