ضمان ما لم يكن هناك تعدّ أو تفريط ، وقد رخّص شرعا في دفعها إلى من ثبت لديه فقره بطريق ظاهري ، وقد عمل على وفق تكليفه.
فإن كان ذلك الشخص فقيرا في الواقع ، فقد وصل الحق إلى مستحقّه ، وإلّا فقد صار مال الفقير لديه بأمر الشارع ، الذي هو أقوى من إذن المالك ، فهو المطالب به بالفعل ، دون من كان في يده سابقا ، وخرج منها بلا تعدّ وتفريط ، فلا مقتضي هاهنا لضمان الدافع بعد أن لم يكن يده يد ضمان ، ولم يصدر منه تعدّ أو تفريط.
فما يستشعر من كلام شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ حيث إنّه بعد أن علّل الحكم ببعض الوجوه القابلة للمناقشة ، قال : والأجود الاعتماد على الإجماع من أنّه لولا الإجماع ، لكان محلا للتأمّل (١) ، لا يخلو من نظر ، فليتأمّل.
وأمّا إن كان الدافع هو المالك ففي إجزائه أقوال ، ثالثها : التفصيل بين ما إذا اجتهد فأعطى ، فلا ضمان ، وبين ما إذا أعطى اعتمادا على مجرّد دعوى الفقر ، أو أصالة عدم المال ، فيضمن ، ولا منافاة بين الضمان وكونه مأذونا في الدفع ، كما في سائر موارد تخلّف الطرق الظاهرية عن الواقع في الموضوعات الخارجيّة ، مثل ما لو كان عليه دين أزيد وهو لا يعرف شخصه ، فشهدت البيّنة بأنّ هذا أزيد ، فدفع إليه المال ، ثمّ انكشف الخلاف.
حجّة القول بالإجزاء مطلقا أنّه فعل المأمور به وهو الدفع إلى من يظهر منه الفقر ، إذ الاطّلاع على الباطن متعذّر ، وامتثال الأمر يقتضي الإجزاء.
__________________
(١) كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٥٠٠.