الحدائق (١) وبالغ في تشييده.
وعن الكليني في الكافي ، أنّه نقل عن يونس بن عبد الرحمن من قدماء أصحابنا : أنّه حمل الأخبار الحاصرة في التسعة على صدر الإسلام ، وما دلّ على ثبوتها في الجميع على ما بعد ذلك (٢).
ويرد على هذا الجمع الأخير إباء جل الأخبار الحاصرة في التسعة عن هذا الحمل ، بل بعضها إ في أرادتها بالنسبة إلى سائر الأعصار.
وأمّا ما نسب إلى المشهور من الحمل على الاستحباب ، فهو أيضا لا يخلو من إشكال ، نظرا إلى ما في الأخبار المزبورة من الإشارة إلى موافقة الأخبار المثبتة للزكاة في سائر الأجناس للعامّة ومناسبتها للتقية ، ضرورة أنّ مثل هذا الحكم الذي هو عمدة ما يتعلّق به سلطنة السلاطين بعد اشتهاره لدى العامّة واستقرار سيرة سلاطينهم على أخذ الزكاة من سائر الحبوب ، لم يكن يسع الإمام ـ عليهالسلام ـ إنكاره ، بل كان عليه إظهار الموافقة لهم ، كما وقع الأمر كذلك في هذه الأخبار ، فلا يبقى لهذه الأخبار ـ بعد أن علم بأنّ ظاهرها الذي هو موافق للعامّة ، مخالف للواقع ـ ظهور في كونها مسوقة لبيان الحكم الواقعي ، كي يصلح أن يكون التصريح بنفي الزكاة فيما عدا التسعة في الأخبار الحاصرة للزكاة فيها ، قرينة على إرادة الاستحباب من هذه الأخبار.
وملخّص الكلام : أنّ الجمع بين الخبرين المتعارضين ، بحمل أحدهما على الاستحباب ، وإن كان في حدّ ذاته أقرب من الحمل على التقيّة
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١٢ : ١٠٨.
(٢) الكافي ٣ : ٥٠٩ ذيل الحديث ٢.