وقد أحدثت هذه الكلمات أثرها كالسّحر ، وبدأت الرّجال من جيش عمر بن سعد تنضمّ إلى جانب الحسين (ع) ، وكان أوّلهم الحرّ بن يزيد.
وكان الموقف خطيراً ، فلو انتظر عمر قليلاً لانفرط الجيش كلّه ، كما أنّه خشي الرّقباء أنْ يبلغوا يزيد بما حدث ، فما كان إلاّ أنْ تناول سهمه ورمى به جماعة الحسين (ع) وهو يصيح : اشهدوا لي عند الأمير أنّني أوّل من رمى الحسين.
وهكذا بدأ القتال في توتّر وسرعة لا تُتيح لكلمات الحسين (ع) أنْ تفعل أثرها.
وقاتل الحسين (ع) وصحبه قتالاً مجيداً حتّى سقطوا جميعاً ، وسقط الحسين (ع) مُثقلاً بجراحه ؛ مُصاباً بمئة وعشرين طعنة. ثُمّ تقدّم شمر بن ذي الجوشن فاحتزّ رأسه ، ثُمّ وطؤوا جسده الشّريف بخيولهم حتّى رضّوا ضلوعه ومثّلوا به أشنع تمثيل ، وحملوا الرّؤوس ومضوا بها على أسنّة الرّماح إلى عبيد الله بن زياد ، ثُمّ إلى يزيد بن معاوية.
وبذلك انتهت أوّل جولة للعدل مع الظّلم ، انتهت باروع استشهاد وأعظم بطولة. وكانت شهادة الحسين (ع) أعظم انتصار للثورة ؛ لأنّها تغلغلت في الضّمير العربي والإسلامي ، وأحيت الضّمائر التّي خنقها الإرهاب ؛ لتسقط بعد ذلك بستين عاماً ـ فقط ـ دولة بني اُميّة.