وهو يتهادى بينهم ، ويتمثّل بقول يزيد بن مفرّغ الحميري الشاعر المشهور :
لا ذَعرتُ السّوامَ في فَلقِ الصبحِ |
|
مُغيراً ولا دُعيتُ يزيدا |
يومَ اُعطيْ مخافةَ الموتِ ضَيماً |
|
والمنايَا يَرصدْنَني أنْ أحيدَا |
حتّى أتى منزله ، فقال مروان للوليد : عصيتني. فقال : ويحك! إنّك أشرت علي بذهاب ديني ودنياي ، والله ، ما اُحبّ أنْ أملك الدّنيا بأسرها وأنّي قتلت حسيناً. والله ، ما أظنّ أحداً يلقى الله بدم الحسين إلاّ وهو خفيف الميزان ، لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكّيه.
كأنّي بالحسين (ع) لمّا خرج من عند الوليد ، أحدق به إخوته وأولاده ومواليه وسائر بني هاشم وهم شاكون في السّلاح ، وهو بينهم كالقمر ما بين النجوم ، يقدمهم أبو الفضل العبّاس قمر بني هاشم ، وهو كالأسد الغضبان حتّى أتوا به إلى منزله مكرّماً لم يصبه سوء ، فأين كان بنو هاشم عن سيّدهم الحسين (ع) يوم عاشوراء حين بقي وحيداً فريداً بين الأعداء لا ناصر له ولا معين؟! بلى ، كانوا مطرّحين على الرمضاء مرمّلين بالدماء ، مقطّعة أعضاؤهم مبددة أوصالهم.
گضَوا حگ العليهُمْ دونْ الخيامْ |
|
ولا خلّوا خواتِ حسينْ تنضامْ |
لمَنْ خرّوا تفايضْ منهمُ الهامْ |
|
تهاووا مثلْ مَهوى النّجمْ منْ خَرْ |
گضَوا ما بين منْ گطعوا وريدهْ |
|
وبين الطّار راسَه وطاحت ايدهْ |
وبين امْشبّح برميا شديدهْ |
|
وبين الصّار للنشاب مكورْ |