المجلس الثالث والأربعون
لمّا نزل الحسين بأرض كربلاء ، دعا جوناً مولى أبي ذر الغفاري ، فجعل جون يصلح له سيفه استعداداً للحرب ، والحسين (ع) يقول (١) :
يا دهرُ اُفٍّ لك منْ خليلِ |
|
كمْ لك بالإشراقِ والأصيلِ |
مِن طالبٍ وصاحبٍ قتيلِ |
|
والدَّهرُ لا يقنعُ بالبديلِ |
وكلُّ حيٍّ سالكٌ سبيلي |
|
ما أقربَ الوعدَ من الرحيلِ |
وإنَّما الأمرُ إلى الجليلِ
فسمعت اُخته زينب بنت فاطمة عليهماالسلام ذلك ، فقالت : يا أخي ، هذا كلام مَن أيقن بالقتل! فقال (ع) : «نعم يا اُختاه». فقالت زينب : وآ ثكلاه! ينعى الحسين إليَّ نفسه! وبكت النّسوة ، وجعلت اُمّ كلثوم تنادي : وآ محمّداه! وآ عليّاه! وآ اُمّاه! وآ أخاه! وآ حسيناه! وآضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله! فعزّاها الحسين (ع) ، ثمّ قال : «يا اُختاه يا اُمّ كلثوم ، وأنت يا زينب ، وأنت يا فاطمة ، وأنت يا رباب ، انظرن إذا أنا قُتلت ، فلا تشققن عليّ جيباً ، ولا تخمشن عليّ وجهاً ، ولا تقلن هجراً». وفي رواية عن زين العابدين (ع) : أنّ الحسين (ع) قال هذه الأبيات عشيّة اليوم التاسع من المحرّم. قال علي بن الحسين عليهماالسلام : «إنّي جالس في تلك الليلة التي قُتل أبي في صبيحتها ، وعندي عمّتي زينب تمرّضني ، إذ اعتزل
______________________
(١) في بعض الروايات : أنّ الحسين (ع) جلس يصلح سيفه ويقول هذه الأبيات ، وفي رواية اُخرى : أنّ المُصلح للسيف هو جون ، وهو الأقرب إلى الاعتبار ؛ فإنّ موالي الحسين (ع) وخدمه لم يكونوا ليدعوه يصلح سيفه ويعالجه بيده وهم ينظرون ، والرواية الاُولى اشتباه من قول الراوي : وعنده جون وهو يصلح سيفه ؛ فلذاك اعتمدنا على الرواية الثانية. ـ المؤلّف ـ