وفي عيون أخبار الرضا (ع) بسنده عن عبد السّلام بن صالح الهروي قال : دخل دعبل بن علي الخزاعي رحمه الله على أبي الحسن علي بن موسى الرضا (ع) بمرو فقال له : يابن رسول الله ، إنّي قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أنْ لا أنشدها أحداً قبلك. فقال (ع) : «هاتها». فأنشده :
مدارسُ آياتٍ خلتْ من تلاوةٍ |
|
ومنزلُ وحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ |
فلمّا بلغ إلى قوله :
أرى فيئَهُمْ في غيرِهمْ مُتَقسَّماً |
|
وأيديَهُمْ من فيئِهمْ صَفِراتِ |
بكى أبو الحسن الرضا (ع) وقال له : «صدقت يا خزاعي». فلما بلغ إلى قوله :
إذا وُتِروا مَدُّوا إلى واترِيهُمُ |
|
أكفّاً عن الأوتَارِ مُنْقَبضَاتِ |
جعل أبو الحسن (ع) يقلّب كفّيه ويقول:«أجل ، والله منقبضات». فلمّا بلغ إلى قوله :
لقدْ خِفتُ في الدُّنيَا وأيامِ سَعْيهَا |
|
وإنّي لأرجُو الأمنَ بَعدَ وفاتي |
قال الرضا (ع) : «آمنك الله يوم الفزع الأكبر». ثمّ أعطاه مئة دينار من الدنانير المضروب عليها اسم الرضا (ع) ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء. وردّ الصّرة ، وسأل ثوباً من ثياب الرضا (ع) ليتبرّك به ، فأنفذ إليه الرضا (ع) جبّة خزّ مع الصرّة ، فأخذهما دعبل وانصرف.
لا أضحَكَ اللهُ سِنَّ الدَّهرَ إنْ ضَحِكتْ |
|
وآلُ أحمدَ مظلُومُونَ قدْ قُهرُوا |
مُشرَّدونَ نُفوا عَنْ عُقرِ دارِهُمُ |
|
كأنّهمُ قدْ جَنَوا ما ليسَ يُغتَفرُ |
إذا العينُ قرّتْ في الحياةِ وأنتُمُ |
|
تخافُونَ في الدّنيا فأظلمَ نُورُها |