المجلس المئتين
في كتاب روضة الواعظين بإسناد ذكره : أنّ قريشاً أصابتهم أزمة (١) شديدة ، وكان أبو طالب ذا عيال كثير ، فقال رسول الله (ص) للعبّاس عمّه ـ وكان من أيسر بني هاشم ـ : «يا عبّاس ، إنّ أخاك أبا طالب كثير العيال ، وقد أصاب النّاس ما ترى من هذه الأزمة ، فانطلق بنا نخفّف عنه من عياله ؛ آخذ من بنيه رجلاً ، وتأخذ من بنيه رجلاً ، فنكفهما عنه». قال العبّاس : نعم. فانطلقا حتّى أتيا أبا طالب ، فقالا : إنّا نُريد أنْ نخففّ عنك عيالك حتّى ينكشف عن النّاس ما هم فيه. فقال أبو طالب : إنْ تركتما لي عقيلاً ، فاصنعا ما شئتما. فأخذ رسول الله (ص) عليّاً (ع) فضمّه إليه ، وأخذ العبّاس جعفراً فضمّه إليه. فلَمْ يزل علي بن أبي طالب (ع) مع رسول الله (ص) حتّى بعثه الله نبيّاً ، واتّبعه عليٌّ وآمن به وصدّقه ، ولَمْ يزل جعفر مع العبّاس حتّى أسلم واستغنى عنه. قال الصادق (ع) : «أوّل جماعة كانت ، أنّ رسول الله (ص) كان يُصلّي وأمير المؤمنين معه ، إذ مرّ أبو طالب به وجعفر معه ، قال : يا بُني ، صِلْ جناحَ ابن عمِّك. فلمّا أحسّه رسول الله (ص) تقدَّمَهما ، وانصرف أبو طالب مسروراً ، وهو يقول :
إنّ عليّاً وجعفراً ثِقتِي |
|
عندَ مُلمِ الزَّمانِ والكُرَبِ |
لا تخْذُلا وانْصُرا ابنَ عمِّكُما |
|
أخي لاُمِّي منْ بينهمْ وأبي |
واللهِ لا أخذلُ النّبيَّ ولا |
|
يخذلُهُ منْ بنيَّ ذو حسبِ |
قال أبو الحسن المدائني : كتب معاوية إلى أمير المؤمنين (ع) : يا أبا الحسن
__________________
(١) الأزْمَة ، بالفتح فالسكون : الشِّدَّة ، ويجوز : أزَمَة بفتحتين. ـ المؤلّف ـ