المجلس الرابع عشر
روى صاحب كشف الغمّة : أنّه لمّا قَتل معاوية حجرَ بن عدي (رحمه الله) وأصحابه ، لقي في ذلك العام الحسين (ع) ، فقال : يا أبا عبد الله ، هل بلغك ما صنعت بحجر وأصحابه من شيعة أبيك؟ قال (ع) : لا. قال : إنّا قتلناهم وكفّناهم وصلّينا عليهم. فضحك الحسين (ع) ثمّ قال : «خصمك القوم يوم القيامة يا معاوية. أما والله ، لو ولينا مثلها من شيعتك ما كفّناهم ولا صلينا عليهم ، وقد بلغني وقوعك بأبي حسن وقيامك به واعتراضك بني هاشم بالعيوب. وأيم الله ، لقد أوترت غير قوسك ورميت غير غرضك ، وتناولتها بالعداوة من مكان قريب. ولقد أطعت امرءاً (يريد عمرو بن العاص).
وكان لمعاوية عين بالمدينة يكتب إليه بما يكون من اُمور النّاس ، فكتب إليه : إنّ الحسين بن علي أعتق جارية له وتزوّجها. فكتب معاوية إلى الحسين (ع) : من أمير المؤمنين معاوية الى الحسين بن علي : أمّا بعد ، فإنّه بلغني أنّك تزوّجت جاريتك وتركت أكفاءك من قريش ممّا تستنجبه للولد وتمجّد به في الصهر ، فلا لنفسك نظرت ولا لولدك انتقيت. فكتب إليه الحسين (ع) :
«أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك وتعييرك إيّاي بأني تزوجت مولاتي وتركت أكفائي من قريش ، فليس فوق رسول الله منتهى في شرف ولا غاية في نسب ؛ وإنّما كانت ملك يميني خرجت عن يدي بأمر التمست فيه ثواب الله ، ثمّ ارتجعتها على سنّة نبيّه (ص) ، وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة ووضع عنّا به النقيصة ، فلا لوم على امرئ مسلم إلاّ في مأثم ، وإنّما اللوم لوم الجاهلية».
فلمّا قرأ معاوية كتابه نبذه إلى يزيد ، فقرأه وقال : لشدّ ما فخر عليك الحسين. قال : لا ، ولكنّها ألسِنَة بني هاشم الحداد التي تفلق الصخر وتغرف من البحر.