بطهارته عند ملاقاته النجاسة وجواز شربه واستعماله في سائر مشروط بالطهارة من مأكول ومشروب ونحوهما ، وإذا غسل به المتنجّس لا نسلّم الإجماع على الحكم بطهارته نظرا إلى استصحاب النجاسة فيه.
وهذا نظير أصالة الصحّة في العمل عند الشكّ بعد الفراغ حيث إنّها إنّما تقتضي الصحّة حيث لم يعارضها حكم ظاهري ، كما لو شكّ في صحّة الصلاة بعد الفراغ عنها للشكّ في الطهارة فيحكم بالصحّة عملا بأصالة الصحّة ، بخلاف ما لو عارضها حكم ظاهري كما لو تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة قبل الصلاة فغفل ونسي تحصيل الطهارة إلى أن صلّى وفرغ عن الصلاة فتذكّر ، أو تيقّن نجاسة ثوبه وشكّ في تطهيره فنسي أن يغسله إلى أن صلّى فيه وفرغ عنها ، فإنّه لا يزال يشكّ في الصحّة بسبب ما سبقه من الشكّ قبل الصلاة وهو من الشكّ بعد الفراغ ، إلاّ أنّه لا يجوز البناء على أصالة الصحّة ، لمعارضة الحكم الظاهري وهو وجوب التطهّر وغسل الثوب حسبما اقتضاه استصحاب الحدث والنجاسة ـ شطط من الكلام ، إذ المفروض على ما قرّرناه استقرار عملهم بالاستصحابات السببيّة في الآثار كلّها حتّى ما خالف منها الاستصحابات المسببيّة.
هذا مع بطلان مقايسة ما نحن فيه على أصالة الصحّة في موضع معارضة الحكم الظاهري ، لأنّ أصالة الصحّة إنّما تجري حيث لم يعلم ببطلان العمل ، ولذا اخذ في موضوعه الشكّ بعد الفراغ ، والعلم بالبطلان أعمّ من الشرعي ، والاستصحاب في متيقّن الحدث والنجاسة المقتضي لوجوب التطهير والتطهّر علم شرعي ببطلان الصلاة بدونهما.
وبالجملة هذه الصلاة محكومة ببطلانها شرعا ومعه لا تأثير للأصل المذكور في اقتضاء الصحّة.
الثاني : الأخبار الاستصحابيّة الّتي هي العمدة في أدلّة حجّيّة الاستصحاب والاستدلال يقرّر من وجهين :
أحدهما : التعليلات الواردة فيها مع ملاحظة مواردها كقوله عليهالسلام : « فإنّه كان على يقين من وضوئه ، ولا ينقض اليقين بالشكّ » بعد قوله : « لا ، حتّى يستيقن أنّه قد نام (١) » وقوله عليهالسلام : لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشكّ أبدا »
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، ح ١.