المطلب
الحادي عشر
في استصحاب الحكم العرضي ، ومحلّه أن يكون للشيء جهتان ذاتيّة غير معلومة الحكم
وعرضيّة مرتفعة الحكم بمصادفة رافع له بعد اليقين بثبوته ، وذلك كما في الحيوان
المتولّد من طاهر العين أبا كالغنم ونجس العين امّا كالكلب ، ولم يكن تابعا لأحد
أبويه في الاسم ، ولا مماثلا لغيرهما من الحيوانات ، وكونه هذا الحيوان المتولّد
منهما من حيث هو كذلك جهة ذاتيّة فيه ، وملاقاته لامّه برطوبة حين التولّد جهة
عرضيّة ، ونجاسته من الجهة الاولى غير معلومة ، ومن الجهة الثانية معلومة ، مع فرض
إصابة مطهّر شرعي إيّاه من مطر ، أو ماء جار ، أو ماء بحر على وجه أوجب زوال كلّ
نجاسة عرضيّة قابلة للزوال ، فيشكّ حينئذ في نجاسته.
وحينئذ فلو حكم
بنجاسته استصحابا لها ، لدفع ذلك الاستصحاب بأنّه لا بدّ فيه من اليقين السابق والشكّ
اللاحق ، وبدون أحدهما يستحيل الاستصحاب. فلو اريد به استصحاب النجاسة المستندة
إلى ذاته ، فهي غير معلومة من أوّل الأمر ، ولو اريد استصحاب النجاسة المستندة إلى
الملاقاة العارضة له فهي غير مشكوكة بعد العلم بارتفاعها ، فلا يقين بثبوتها على
تقدير ولا شكّ في ارتفاعها على تقدير آخر. والظاهر أنّ بطلان هذا الاستصحاب ممّا
لا إشكال فيه.
ويزيد بطلانا ما
يجامعه من الشكّ الساري بأن يكون الشكّ المأخوذ فيه ساريا ، وذلك كما لو اعتقد
المجتهد في الواقعة بحكم خاصّ إلى زمان ثمّ بعد ذلك الزمان عرضه الشكّ في صحّة
اعتقاده وفساده ، ومرجعه الشكّ في تحقّق الحكم المعتقد من أوّل الأمر وعدمه. وحينئذ
فإن أراد إجراء ذلك الحكم في زمان الشكّ المذكور كان استصحابا مع الشكّ الساري
ومستصحبه حكما عرضيّا ، لأنّه لو اريد به استصحاب ذلك الحكم من حيث كونه واقعيّا
فهو غير معلوم الثبوت من أوّل الأمر ، ولو اريد به استصحابه من حيث كونه معتقدا أو
من حيث إنّه ظاهري باعتبار عروض الاعتقاد فهو غير مشكوك البقاء لمكان القطع
بارتفاعه.
ومن أمثلته العامّ
المخصّص المقطوع حجّيّته قبل طروّ المخصّص ، فإذا طرأه يشكّ في بقاء حجّيّته على
وجه يسري إلى ثبوتها في زمان اليقين بها ، فقد يحكم بالحجّيّة تمسّكا باستصحاب
الحجّيّة المتيقّنة قبل طروّ المخصّص.
ويزيّفه : أنّ
الشكّ فيه سار والمستصحب حكم عرضي ، لأنّه لو اريد بالحجّيّة المستصحبة ما هو بحسب
الواقع ونفس الأمر فأصل ثبوتها غير معلوم ، ولو اريد ما هو